فراس الأسعد

إن هبوب رياح الربيع العربي, من خلال سلسلة من الثورات المتلاحقة, أعاد الأمل للمواطن العربي باسترجاع مجد الأمة الضائع, فبدءاً بالثورة التونسية مروراً بالمصرية, كان شعبنا العربي ينفض عنه مخلفات الاستبداد, لتزداد المشاعر الوطنية والحمية الثورية بشكل مضطرد بالترافق مع التقدم المتصاعد في وتيرة الثورات, فقد كان الجيشان التونسي والمصري حاسمين بمواقفهما الوطنية في نصر إرادة الشعب, وهكذا حتى وصول رياح الربيع العربي إلى ليبيا,و مع ما ظهر من تشبث العقيد القذافي بالسلطة, الأمر الذي قابله الثوار بمزيد من الثبات حتى النصر والتحرير, بدا جلياً أن التضحيات في ثورة ليبيا المسلحة أكبر من مثيلتيها في تونس ومصر, وبالنتيجة كان الوضعان الإنساني والاقتصادي على المخطط البياني للربيع العربي يزدادان سوءاً بشكل تصاعدي, وصولا لمرحلة الجمود في الثورة اليمنية, من دون بوادر لحل قريب .

وانتهاءً بالثورة السورية, وانتهاجها نموذج الثورة الفرنسية من حيث مدى استمراريتها المتوقعة وكارثيتها الانسانية و الاقتصادية, الناجمة عن مقومات حقيقية لصمود النظام السوري مستمدة من التحالف الرباعي (السوري - الايراني - اللبناني - العراقي) القائم على تكامل ستراتيجي وامني واقتصادي تحت القيادتين السورية الايرانية ونفوذهما في سياسات منطقة الشرق الاوسط بكاملها, فmacr;quot;حزب اللهquot; جبهة قوية لا يمكن عزلها على المدى القريب تحت ضغوطات محكمة الحريري. وان مجرد شعور التحالف الرباعي بخطر على مصالحه سيدفعه للتفكير بادخال المنطقة في دوامة من عدم الاستقرار الامني والاقتصادي, فاهتزاز الشرق الاوسط في اغسطس الماضي تحت وقع خطاب العاهل السعودي الموجه للنظام السوري وما تلاه من حركة ديبلوماسية عالمية محمومة, جعل التحالف الرباعي يكشر عن انيابه مهددا المنطقة كلها, بدءاً من البحرين والخليج بغالبيته مرورا بالجبهة الاسرائيلية - الفلسطينية و نشاط الخلايا النائمة لحزب العمال الكردستاني في تركيا, وانتهاءً بأعمال العنف والتفجير في لبنان والعراق .
ان التحالف الرباعي, هو جبهة صراع متكاملة, لا يمكن قهرها بالضغوط العسكرية او الاقتصادية المباشرة مهما عظمت, وهذا ما تعيه جيدا مراكز القوى الاقليمية في السعودية وتركيا, وهذا هو تحديدا ما دفع بالقيادة السعودية الحكيمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الى ضبط الضغوط على ايران وتنظيمها بهدف سحب البساط من تحت اقدام التحالف الرباعي وتقليم مخالبه قبل استفزازه او مواجهته مباشرة حتى لا يتسبب في عدوانيته وايذاء من حوله, وذلك بعزله ومحاصرته اقليميا بتوسيع مجلس التعاون الخليجي بحيث يشمل دولا تقع في مرمى المصالح الايرانية, فبعد سقوط مبارك ظهرت رغبة خليجية لدعم علاقات مجلس التعاون مع مصر ردا على محولات طهران المستميتة للتقارب معها, وقطع الطريق على تدخلات ايران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة, وكف يدها عن سياسة الاصطياد في الماء العكر تزامنا مع الثورات العربية من خلال حملات التحريض ودعم الفتنة الطائفية في منطقة الخليج لتصويرها في سيناريو quot;ثورةquot;, فكانت دعوة المشير خليفة بن احمد ال خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين لانضمام مصر الى مجلس التعاون الخليجي,ومن قبلها كانت الاردن والمغرب .
ورغم صعوبة الظروف الدولية وخذلانها لتطلعات شعبنا, ورغم هول القمع الامني بقيت ارادة الشعب هي محرك الشارع الذي يراهن على صموده الاسطوري فقط لقلب موازين القوى وتحريك الموقف الدولي, فالتوقعات في الافق المدعومة بادلة واقعية كلها تصب باتجاه اندلاع شرارة الثورة الايرانية كعاملٍ حاسمٍ و سريع التأثير في سقوط التحالف الرباعي السوري - الايراني - اللبناني- العراقي, واكثر فعالية من تأثير الحرب الخليجية الباردة وسيصيب النظام السوري في مقتل, وسيعطي المزيد من الزخم والامل للثورة السورية السلمية للخروج من الجمود وتحقيق مستوى افضل من الامن والحماية للشعب.
ان الشعب الايراني بعلاقاته الودية والروحية بالحليف السوري يراقب الثورة السورية متفائلا, يرصٌّ الصفوف متوثبا, ينتظر ساعة الصفر هادئا. انه الهدوء ما قبل العاصفة, وهكذا جاء انعقاد مؤتمر لجنة quot;التضامن مع الشعب الايراني quot; في واشنطن خلال سبتمبر الماضي, لبحث تداعيات الثورات العربية على الحراك السياسي في ايران, وقد اشاد علي افشاري رئيس اللجنة بالعلاقات الايرانية - العربية, مؤكدا اهمية الدعم الخارجي الدولي لبدء عملية التغيير في ايران, و صرح الدكتور رضوان زيادة ان ايران ستكون اكبر الدول التي ستتأثر بالربيع العربي, مشيرا الى ان الدعم الايراني لنظام الاسد يجري على قدم وساق غير انه لم يستبعد ان تتخلى طهران عن حليفتها, اذا ضمنت صفقة تحقق لها مصالحها وتجنبها مخاطر التغيير.
و اضافةً لدعوات انطلقت على quot;فيس بوكquot; دعت للتجمعات و الاعتصامات في العاصمة طهران , فقد حضت منظمة quot; عقاب ايران quot; برئاسة مهدي روحاني الطلاب على التظاهر والمطالبة بالتغيير.
ان الدفعة الايجابية التي ستعطيها الثورة الايرانية لنظيرتها السورية هي من خلال الية وقف الدعم للنظام, وليس بالية دعم الوضع الانساني الذي سيتفاقم باستمرار طالما غاب الحوار الوطني الهادف للتغيير التدريجي لكن تحت استمرار ضغط الحراك الشعبي والتظاهرات السلمية شريطة انهاء العصيان المدني لوقف التدهور الاقتصادي, ولاسيما مع ضعف الموقف الدولي وفشل مجلس الامن في واجباته الانسانية, وعدم امتلاك المجلس الانتقالي لستراتيجيات عمل حقيقية, و استبعاده لهيئة التنسيق الوطنية المنفتحة على الحوار مع الرئيس الاسد لانهاء احتكار الاجهزة الامنية للقرار السياسي وتغييب المؤسسات.