صحف عبرية

شيء غير طيب يحصل لنا في فترة الاعياد. ليس فقط العمل ليس عملا، ليس فقط من غير الواضح ما هو المفتوح وما هو المغلق، واذا كانت الساعة تظهر صيفا أم شتاء، بل ان العقل الرسمي ايضا يخرج في اجازة.
هناك حاجة لفراغ عقلي كي نصل الى وضع من فقدان الثقة والاعراب عن خيبة أمل من رئيس وزرائنا من جانب المستشارة أنجيلا ميركل، الزعيمة الوحيدة في اوروبا إن لم يكن في العالم التي تتعاطى معنا بفهم وعطف.
القشة الاخيرة التي أثارت ميركل كانت اقرار الخطة لبناء 1100 شقة في حي غيلو في القدس. كل تفسيرات بيبي بأن غيلو هي جزء من القدس العبرية بدت كتعريفات أدت الى فقدان الصديقة الاخيرة لاسرائيل في اوروبا.
مفعم بالحبور بانكليزيته الامريكية، فان بيبي يخطب وكذا يسمح لنفسه بان يلف العالم على اصبعه الصغيرة، بصمت. خذوا مثلا ما يحصل بين الكونغرس والرئيس اوباما في موضوع المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية. في الكونغرس يتبلور ميل لتقليص المساعدة للفلسطينيين بينما نحن نصمت بل وربما حتى نغذي هذا الميل، الذي وصفه مراقب سياسي بالغباء. سلام فياض هو الرجل الاكثر ايجابية في السلطة. لو كان العقل يعمل، لكان ينبغي لاسرائيل ان تكافح ضد التقليص. ليس لها مصلحة الا يكون للسلطة المال الذي تدفعه لأجهزتها الامنية.
في كلمة امام مؤتمر عقد هذا الاسبوع قال مئير دغان انه في الوضع الحالي لا يوجد تهديد عسكري على اسرائيل. كما أن وزير الدفاع الامريكي ليئون بنيتا الذي زار اسرائيل كان يحمل رأيا مشابها. ولم افاجأ اذا ما كان في لقاءاته هنا حذرنا من عملية عسكرية ضد ايران. ولكن قبل كل شيء تحدث في موضوع أهمية التسوية الاسرائيلية ـ الفلسطينية من خلال الحوار وخلق الاجواء المناسبة.
في الوضع الدراماتيكي السائد في المنطقة من الصعب جدا توقع المستقبل. في نهاية كانون الثاني (يناير) من هذا العام، توقع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أفيف كوخافي في لجنة الخارجية والامن بانه لا يوجد تخوف على استقرار حكم مبارك وذلك لان الاخوان المسلمين ليسوا منظمين بما فيه الكفاية كي يستولوا على الحكم. طريق قصير جدا مر منذ هذا التوقع وحتى رؤية مبارك مكبلا في سرير في قفص. اسرائيل منعزلة جدا في المنطقة، ولا أحد يفهم الى أين والى ماذا يسعى نتنياهو وحكومته. وواضح قبل كل شيء بان ليس لاسرائيل مصلحة في خلق اعداء جدد. لا في المناطق ولا في اسرائيل نفسها.
ليس واضحا اذا كان احراق المسجد في طوبا زنغريا هز الدولة. توجد محافل في البلاد تتهم بيبي، الذي أباح دم العرب في أعقاب التشريع المناهض للعرب في الكنيست. هذا يبدأ بـ'شارة ثمن' وينتهي باحراق مسجد.
في داخل شرق اوسط مضطرم، فان آخر شيء يجب أن يحصل لنا هو تعميق الشرخ مع تركيا، والذي هو ليس في مصلحتنا وليس في مصلحة أمريكا. في المفاوضات التي جرت في حينه بمشاركة رجل القانون يوسف تشخنوفر كنا قريبين جدا من 'الصلح'، لو أننا وافقنا على الاعراب عن الاسف على الهجوم ومنح تعويضات طوعية لعائلات القتلى، وغيره هنا وهناك. ولكن بيبي ذعر وتراجع. 'الشرف البولندي' كان منذ الازل ذخرا حديديا للحركة التعديلية، مهما كلف الامر. غرورنا هو الذي دفع حليفا بالقوة ليقف الى جانب الاشرار.
في اطار خروج العقل اليهودي في اجازة في الاعياد، من الصعب الا ننتبه لسخافة تأجيل الحكومة لتقرير تريختنبرغ. سلفان شالوم، من رواد التصويت ضد التقرير بدعوى انه ليس اداة او حجر شطرنج لدى بيبي، ادعى ايضا ان التقرير لا يحل مشكلة المحيط؛ ادعاء يثبت انه لم يفهم بالضبط على ماذا كانت الانتفاضة الجماهيرية. لجنة تريختنبرغ لم تأت لتحل مشاكل الاشخاص الذين لا ينهون الاسبوع، بل مشاكل الاشخاص الذين لا ينهون الشهر.
الملك لويس السادس عشر كان يعمل على العناية باظفاره عندما سمع اصوات المتظاهرين. وسأل معالج الاظفار 'أهذا تمرد؟'. وكان الجواب: 'هذا ليس تمردا، يا جلالة الملك، هذه ثورة'. بالفعل، زعماء غير قليلين لم يروا نهايتهم القريبة.
من يعتقد أن اخلاء الخيام انهى الانتفاضة فهو مخطئ. عندما تنتهي الاعياد، ويعود العقل الجماهيري من اجازته، فان بيبي سرعان ما سيسقط. هذه مسألة وقت.