داوود الشريان


يوم السبت الماضي كتب الزميل ابراهيم بيرم laquo;تقريراًraquo; في جريدة laquo;النهارraquo; عن حال رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي، ورد فيه: laquo;يحلو للرئيس ميقاتي ان يقول صراحة إن موقعه في هذه المرحلة يشبه موقع الماكث في غرفة مريض في حال صعبة. هناك فريق يريد منه أن يخرج من هذه الغرفة، في حين أن ثمة فريقاً آخر يضغط عليه ليبقى حيث هوraquo;.

اتصلت بالرئيس ميقاتي وسألته عن هذا الوصف، فأجاب laquo;بيرم التزم المعنى، لكنه صاغه بأسلوبهraquo;. وأضاف: laquo;أنا أشبه بالجالس على باب غرفة مريض، وهناك فريق يريد ان يدخل لدفعه الى توقيع أوراق التركة قبل ان يموت، وفريق آخر يمنعه من الدخول، ويمنع غيره أيضاًraquo; . لم اسأل الرئيس ميقاتي عن الفريق الذي يسعى لأخذ توقيع المريض قبل موته، أو الآخر الذي يسعى الى عرقلة توزيع التركة، فسؤاله مثل عدمه. لا أحد يستطيع ان ينتزع من ميقاتي إجابة اذا لم يكن راغباً في الإفصاح، وهو يملك قدرة غير عادية في تجنب الإجابات المباشرة، فضلاً عن انه قرر منذ اليوم الأول لتأليف الحكومة عدم الدخول في معركة مع طرف ضد آخر، وهذا سر قوة نجيب ميقاتي وقناعة الأطراف الدولية والإقليمية بدعمه، وسعيها الى تشجيعه على الاستمرار إنقاذاً للبلد، فثمة قناعة راسخة بأن ميقاتي هو الوحيد القادر على حكم لبنان في هذه الظروف.

لنفترض ان خيال الرئيس ميقاتي حول الأوراق التي يراد توقيعها يرمز الى تمويل المحكمة، فإن كلفة منع التمويل باتت أخطر على laquo;حزب اللهraquo; من محاكمة أربعة من عناصره، وخصومه أصبحوا مقتنعين انهم سيخسرون معه ان هم دفعوه الى هذا الموقف، فضلاً عن ان سورية اصبحت على يقين من ان رفض التمويل يعني عزل لبنان، وتالياً الإمعان في عزل سورية. ومصلحة دمشق تقتضي اليوم دفع جماعة 8 آذار الى المضي في تمرير التمويل، الذي ربما يفتح آفاقاً للنظام السوري، خصوصاً ان المحكمة لم تعد تعنيه مباشرة.

لا شك في ان الرئيس ميقاتي يدير ملف المحكمة بحكمة الصبر. ووجود غيره في رئاسة الحكومة سيجعل من قضية التمويل أحد ملفات الصراع الداخلي، لذا فإِن خروج ميقاتي من السلطة ربما يفضي الى تنصل لبنان من تمويل المحكمة، ويفرض على البلد وضعاً يشبه وضع غزة.

خلال ثورة 25 يناير المصرية ردد بعض المتظاهرين شعاراً يقول laquo;هوه يمشي إحنا مش حنمشيraquo;. وبعض اللبنانيين بات يردد هذه الأيام: laquo;اذا فل ميقاتي ما بيمشي حال البلدraquo;.