فاتح عبدالسلام

في الأسبوع الأخير من تشرين الأول 2011، أُعلن في واشنطن أنه قد أنهي علماء أمريكيون تفكيك أقدم القنابل النووية المتبقية في ترسانة الولايات المتحدة وأقواها تأثيراً، حيث ترجع فترة تصنيعها الي أوج الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي عام 1962. ويقولون إنَّ القوة التدميرية لتلك القنبلة المعروفة باسم (بي 53) أو (بانتكس) نسبة الي مصنع الولاية، تفوق قنبلة هيروشيما بأكثر من مائة مرّة. الصورة مرعبة حقاً كيفما تخيّلتها. وتشحّ تقارير المعلومات عن قوة قنابل نووية أنتجت في سباق جديد خارج نطاق الدول الكبري، كتلك الموجودة في الهند وباكستان وإسرائيل وما يتوقع صنعه في إيران. هل يعقل أنْ تقوم واشنطن ومعها موسكو بالتخلّي عن الترسانة النووية أو تخفيفها إلي الحد الأدني، والعالم من حولهما يتسابق في الخفاء والعلن من أجل قنبلة نووية جديدة لا أحد يعرف مقدار الدمار الذي يمكن أن تلحقه بالبشرية؟ أثمّة بديل يجري التعويل عليه؟
لكنَّ وجود قنبلة نووية واحدة لدي الأمريكان أو الروس بإمكانهِ أنْ يكون رادعاً لكلّ مَنْ يمتلك السلاح النووي في العالم، ذلك أنَّ تقنيات استخدامها المتقدمة هي الميزة التي تؤكد التفوّق النوعي.
ما الحاجة إلي القنبلة النووية إذا كانت أدوات حسم الحروب أو عمليات السيطرة علي العالم باتت مختلفة وأكثر تأثيراً وأقل ضرراً علي البيئة والسمعة أيضاً؟!. هل تستطيع قنبلة نووية أنْ تحول دولة في العالم الثالث من معسكر الولاء لورثة السوفييت من حكّام موسكو الجدد الي معسكر الولاء الي العالم الغربي بزعامة الأمريكان؟
هل تقدر القنبلة النووية علي تسليم بلد بكامل قدراته وثرواته وطاقاته النفطية والبشرية الي يد شركات أمريكية أو حليفة لها وتعيين وزراء نفط ودفاع ومالية وخارجية موالين للبيت الأبيض؟
وهل بإمكان السلاح النووي أنْ يقطف ثمار الربيع العربي أو يصنع بعض صفحاته أو ينقله إلي فصل خريف مجدب في السيادة والإدارة؟
ثمّة أسلحة فاعلة أخري، بات يشترك في صنعها وتوجيهها واستخدامها فقراء من الدول والأشخاص والأحزاب والزعامات، لها من القدرة التنفيذية ما يأتي بالثمار جاهزة وعلي سلال من ورق العنب الشهي إلي أصحاب القدرات النووية الذين نراهم يتفضّلون علي البشرية بتفكيك قنبلة أو بتنفيذ بند جديد في اتفاقية الحدّ من السلاح النووي.
لعلَّ الانتقال من مرحلة الديكتاتوريات الموالية إلي الديمقراطيات الموالية هو السلاح البديل لضمان المصالح التي لا تضمنها قنابل أو دروع صارخية أو أقمار صناعية.