إبراهيم البحراوي


إذا تابعت الصحف وقنوات التلفزيون الإسرائيلية ستجد عنواناً كبيراً ترد تحته التعليقات وتصريحات الرسميين وهو أزمة اليونسكو، إذن بلغة الإسرائيليين أصبح انضمام فلسطين كعضو كامل لمنظمة اليونسكو أزمة، في حين أن وزراء عرباً اعتبروه علامة على انتصار العدالة الدولية بعد عقود من الظلم للشعب الفلسطيني.

في تقديري أن الغليان السياسي والإعلامي في إسرائيل حول الموضوع يشير إلى أن الأمر قد أحدث زلزالاً وهزة أرضية تحت أقدام الغطرسة السياسية التي تمارسها حكومات إسرائيل المتعاقبة.


لقد اكتشفوا هناك أن المؤامرات والتحالفات الدولية التي يحاولون بها محاصرة الحقوق الفلسطينية لم تمنع دولاً كبرى مثل فرنسا وإسبانيا من التصويت لصالح عضوية فلسطين والأخطر بالنسبة لهم أنهم اكتشفوا أن اعتمادهم على quot;الفيتوquot; الأميركي في مجلس الأمن لإحباط طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة لن يمنع السلطة الفلسطينية من التوجه للجمعية العامة للحصول على تأييد معظم دول العالم لتواجه إسرائيل والسياسة الأميركية المنحازة لها العزلة والاستهجان الأخلاقي من سكان العالم كله.

لقد سارع وزير خارجية إسرائيل بعد أن أصابته هزة الزلزال المتمثل في تأييد معظم دول العالم فلسطين إلى التهديد بقطع العلاقات في مجال التعليم والعلوم والثقافة مع الأمم المتحدة وطالب بضرورة تغيير الرئيس الفلسطيني معتبراً أنه لا يختلف عن quot;حماسquot;، وأن أي شخص سيحل محله سيكون أفضل بالنسبة لإسرائيل ثم راح يعربد مهدداً بقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية.

أما اللجنة الوزارية الثماني التي تمثل المطبخ السياسي في إسرائيل، فقد قررت اللجوء إلى إجراءات عقابية ضد السلطة تمثلت في أوامر من نتنياهو بتعجيل البناء الاستيطاني في القدس ومستوطنة quot;جوش عصيونquot; لإقامة ألفي وحدة استيطانية وهدد بعض الوزراء بأنهم يدرسون توسيع الاستيطان في أماكن حساسة يعتبرها العالم أراضي محتلة في الضفة.

وتباحث الوزراء حول اقتراح وزير المالية في وقف تحويل الأموال المستحقة للسلطة عن الضرائب لتركيعها غير أن وزير الدفاع نبههم إلى خطورة هذا الإجراء لأنه يعني تعجيز السلطة عن دفع رواتب الشرطة ورجال الأمن، وهو أمر يعني تعريض الأمن الإسرائيلي للخطر نظراً لما سماه التعاون الهادئ بين إسرائيل والشرطة الفلسطينية لمنع quot;العمليات الإرهابيةquot; ضد إسرائيل، بعد هذا الشرح ابتلع الوزراء لهجة العجرفة وقرروا اتخاذ قرار بتعطيل وليس وقف تحويل الأموال للسلطة حفاظاً على المصالح الإسرائيلية.

مازال العقل السياسي الإسرائيلي إذن يواصل إفراز السياسات المنافية للعدالة الدولية، ولا يحرص إلا على مصالحه الضيقة، والسؤال الذي يواجهها هو ما الذي يجب عمله لإرغام إسرائيل على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من يونيو طالما أن الزلزال الدولي يثير في ساستها جنون التصرفات ويزيدها عدواناً وتنكراً لحق الفلسطينيين في استعادة أرضهم المحتلة لإقامة دولتهم.