فواز العجمي


القرارات التي صدرت بالأمس من المجلس الوزاري العربي واللجنة الوزارية العربية التي يرأسها معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية تصب في صالح الشقيقة سورية ليس فقط لصالح الشعب العربي السوري، وإنما تصب أيضاً في صالح النظام السوري لأنها حافظت على بقاء سورية في بيتها العربي ولم تسمح أن تخرج من هذا البيت، وتفسير النظام السوري الخاطئ لهذه القرارات جاء نتيجة عدم القراءة الصحيحة وعدم إدراك أبعادها الحقيقية، لهذا وجدنا رد النظام الرسمي السوري رداً انفعالياً وعصبياً واعتقد أنها أوقعت نفسها في خطأ جسيم لأن هذه القرارات لا تزال ضمن البيت العربي ولأنها أيضاً لم تقطع شعرة معاوية بين الجامعة العربية والنظام السوري فقد أعطت هذه القرارات مهلة جديدة لهذا النظام لتنفيذ بنود المبادرة العربية التي رحب بها النظام السوري نفسه.
قرار التعليق للمشاركة السورية في أعمال الجامعة لا يعني إغلاق البيت العربي بوجه النظام السوري، بل إن هذا النظام يستطيع كسر هذا التعليق فوراً فور تنفيذ بنود المبادرة العربية هذا أولاً، وثانياً وهو الأهم أن هذه القرارات أبعدت شبح quot;التدويلquot; وهذا بحد ذاته يعتبر انتصاراً للبيت العربي ويعبر ذلك عن حرص الجامعة العربية واللجنة الوزارية العربية على حماية سورية من شرور وأخطار quot;التدويلquot; هذا التدويل الذي حذرنا منه مراراً وتكراراً وطالبنا بأن يبقى الشأن السوري ضمن البيت العربي وquot;تعريبquot; هذه القضية برز أمس من خلال هذه القرارات، لهذا فمن الضروري الآن أن يهدأ روع النظام الرسمي السوري وألا يتسرع بالحكم على هذه القرارات بأنها جاءت ترجمة لرغبة أعداء الأمة العربية والحقيقة أنها جاءت رداً على أعداء الأمة العربية الذين يدفعون نحو quot;تدويلquot; المشكلة السورية، بل إن بعضهم تمنى أن تذهب الجامعة إلى ما ذهبت إليه في قراراتها ضد النظام الدكتاتوري الليبي.
ولعل بعض الأصوات التي سمعناها من بعض المحللين الموالين للنظام السوري بعد هذه القرارات تبرهن أيضاً على جهل هؤلاء لأنهم قالوا إن المبادرة العربية ماتت وانتهت والحقيقة أن هذه المبادرة لا تزال صالحة وقابلة للتنفيذ والقرارات التي صدرت عن مجلس الجامعة تؤكد ذلك وتنفيذها يتوقف على النظام السوري وهو القادر الآن على ترجمتها وتطبيقها وهو القادر أيضاً على العودة إلى البيت العربي من أوسع أبوابه.. وهو القادر أيضاً على مساعدة الجامعة العربية في رفض quot;التدويلquot; الذي يسعى إليه أعداء سورية وأعداء الأمة العربية.
ومن أجل استمرار الأمل في quot;تعريبquot; القضية السورية لابد أيضاً من الجامعة العربية أن تشكل لجاناً عربية للوقوف على تنفيذ المبادرة فوراً وقبل السادس عشر من هذا الشهر وهو موعد اجتماع المجلس الوزاري بالمغرب، كما حددت القرارات وهذه المدة كافية لتحديد المسؤولية عن عدم تنفيذ المبادرة العربية وكافية أيضاً للنظام السوري لسرعة تنفيذ هذه المبادرة وكافية أيضاً لمعرفة الحقائق على الأرض السورية وبدون تزييف للوقائع والحقائق.
المطلوب الآن من النظام السوري أن يرحب بقرارات مجلس الجامعة العربية ويحمد الله أنها لا تزال ضمن البيت العربي ويبادر فوراً بالعمل على حماية المدنيين ووقف العنف ضد المواطنين واحترام إرادة الشعب السوري المطالب بالحرية والديمقراطية ومحاربة الفساد وتداول السلطة وهذه مطالب مشروعة وفي حال تنفيذها ينسحب البساط من تحت أعداء سورية وأعداء الأمة العربية وأولى هذه الخطوات هو التنفيذ الفوري للمبادرة العربية ولا يزال الباب مفتوحاً أمام النظام لأن قرارات المجلس الوزاري العربي التي صدرت بالأمس جاءت لتحقيق مثل هذه الأهداف المشروعة والمطلوبة وترجمة هذه الأهداف المشروعة يحافظ على البيت العربي من التصدع والتمزق لأن سكان هذا البيت شعب عربي واحد وما يصيب الشعب السوري يصيب الشعب العربي من المحيط إلى الخليج ورغم تلك القرارات الصادرة عن البيت العربي بتعليق العضوية، فإن سورية لا تزال في بيتها العربي.