علي حمادة

أكثر ما يستحق التوقف عنده هو آخر ما صدر من قلب اسرائيل، اعتبار رئيس الطاقم الامني السياسي في وزارة الدفاع عاموس جلعاد قبل ايام في حديث الى الاذاعة الاسرائيلية quot;أن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيترتب عليه حدوث كارثة تقضي على إسرائيل، نتيجة لظهور إمبراطورية إسلامية في منطقة الشرق الأوسط، بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسورياquot;.
هذا ليس كلاما عاديا بل انه رأي لمسؤول اسرائيلي يعمل حاليا في عصب الحكومة، أي وزارة الدفاع. ويأتي موقف جلعاد ليؤكد الكلام الذي نقل قبل فترة عن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو و حذر فيه من سقوط الاسد، وليصبّ في سياق معلومات متقاطعة تفيد ان اسرائيل رمت بكل ثقلها في المعركة لمنع سقوط النظام، تحت عنوان حماية وجودها من خطر وصول الاسلام السياسي quot;المتطرفquot; الى السلطة في سوريا. وتدور في واشنطن معركة سياسية دعائية يقودها الاسرائيليون من المقعد الخلفي لتخفيف انخراط الادارة الاميركية في معركة اسقاط بشار الاسد. ولذلك تبدو الادارة الاميركية الحالية اكثر حذرا من الاوروبيين في الموضوع السوري. وفي الخلاصة تبدو الصورة محيرة بعض الشيء وان تكن المصالح الدولية عاملا يبرر كل المواقف الغريبة نوعا ما: فالنظام السوري برئاسة الاسد يرتبط بحلف استراتيجي مع ايران الاسلامية صاحبة المشروع النووي الذي يشكوه الاسرائيليون ويلوحون بسببه بالحرب مع طهران، ويجد حليفا موضوعيا، بل أكثر من موضوعي في اسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو، الذي يتلقف حذر بشار الاسد من ان سقوطه معناه نشوء عشرات الافغانستانات، وسبق لرامي مخلوف ان قال في نيسان الماضي أن أمن اسرائيل من أمن النظام في سوريا. في حين لا يتوقف quot;عواينية quot;النظام في لبنان عن التهديد بانفجار على صعيد المنطقة اذا سقط النظام، ويذهب عتاة مؤيدي quot;حزب اللهquot; الى التحدث عن آلاف الصواريخ التي ستسقط فوق المدن الاسرائيلية اذا ما شارف نظام بشار على السقوط!
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن القرار 1559 الذي نعتبره صكّ الاستقلال الحقيقي، واجهه الاسرائيليين الذين اعتبروا ان خروج القوات السورية من لبنان يعرض امن اسرائيل. ودارت معركة مقنعة في اروقة القرار في واشنطن بين اللوبيات الاسرائيلية واللوبيات الحقوقية واللبنانيين وشخصيات من الادارة في سبيل القرار 1559. في مناسبة أخرى، وفي حرب 2006 سأل موريس غوردو مونتاني و كان المستشار الديبلوماسي للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك المستشار الديبلوماسي لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت: quot;انتم تعرفون مصدر سلاح quot;حزب اللهquot; وذخيرته، فلماذا تدمّرون لبنان؟ اقصفوا المصدرquot;؟ اجاب الاخير: quot;و هل تريدوننا ان نسقط النظام السوري؟ لن نفعل ذلك. ان هذا النظام اقلي ضعيف ومكروه، فلماذا نستبدل ما يناسبنا بما يمكن ان يهدد دولة اسرائيل؟ هذا غيض من فيض، والتاريخ سيذكر الكثير من الحقائق عن quot;ممانعةquot; النظام في سوريا.