Jim Lobe

يعتبر كثيرون أن تركيا لعبت الدور الأكثر فاعلية خلال أحداث السنة الماضية، وقد تبين أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هو الزعيم الأكثر شعبية حتى الآن في المنطقة، وفق العدد السنوي لنشرة laquo;استطلاع الرأي العام العربيraquo; التي أجراها شبلي تلحمي من معهد بروكينغز في عام 2011.
على الرغم من إصرار الرئيس باراك أوباما على تكرار دعمه للتغيير الديمقراطي خلال أحداث ldquo;الربيع العربيrdquo;، فإن الولايات المتحدة لا تحظى حتى الآن بثقة شعوب المنطقة، بحسب نتائج استطلاع رأي جديد شمل خمس دول عربية. في المقابل، يعتبر كثيرون أن تركيا لعبت الدور الأكثر فاعلية خلال أحداث السنة الماضية، وقد تبين أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هو الزعيم الأكثر شعبية حتى الآن في المنطقة، وفق العدد السنوي لنشرة ldquo;استطلاع الرأي العام العربيrdquo; التي أجراها شبلي تلحمي من معهد بروكينغز في عام 2011.
ارتكز استطلاع الرأي الذي جرى خلال منتصف شهر أكتوبر الماضي على مقابلات مفصّلة مع 3 آلاف مشارك تقريباً من مختلف المدن في مصر، والمغرب، والأردن، ولبنان، والإمارات العربية المتحدة. وشمل الاستطلاع أيضاً المملكة العربية السعودية، لكن صدرت النتائج المسجلة في هذا البلد في مرحلة لاحقة، ما منع ضمّ نتائجها إلى الدول الخمس الأخرى.
قال تلحمي: ldquo;تركيا هي الفائزة الكبرى من الصحوة العربيةrdquo;، وذكر أن الرئيس الأميركي كسب على ما يبدو نسبة من الدعم في أوساط الرأي العام العربي منذ صيف عام 2010، وهو تاريخ إجراء آخر استطلاع رأي، وذلك على الرغم من تزايد خيبة الأمل بسبب أداء أوباما في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن وفق استطلاع الرأي الجديد، يظن معظم العرب حتى الآن أن سياسات واشنطن في الشرق الأوسط ترتكز في الأساس على رغبتها في السيطرة على موارد النفط وحماية إسرائيل من الدول العربية المجاورة لها، وقد اعتبر 5% من المشاركين في الاستطلاع فقط أن الولايات المتحدة تتحرك بهدف نشر الديمقراطية أو حماية حقوق الإنسان. وكما في النتائج المألوفة في استطلاعات الرأي السابقة، يعتبر معظم المشاركين حتى الآن أن إسرائيل والولايات المتحدة تطرحان أكبر تهديد خارجي على العرب، أقلّه بنسبة مضاعفة عن الخطر الذي تطرحه إيران، مع أن معظم المشاركين يظنون أيضاً أن طهران تحاول تطوير أسلحة نووية وأن نجاحها في تلك المساعي سينعكس ldquo;سلباًrdquo; على المنطقة. رصد استطلاع الرأي أيضاً وجود دعم ساحق لقوى المعارضة التي تحارب الأنظمة الاستبدادية في سورية (86%) واليمن (89%)، بالإضافة إلى وجود تأييد واسع في المنطقة للمعارضة في البحرين (64%)، مع أن معظم المشاركين من البلدَين الخليجيين، الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اعتبروا أنهم يتعاطفون مع نظام آل خليفة الحاكم، بحسب قول تلحمي. كذلك، كشف استطلاع الرأي عن تناقض هائل في المواقف العربية من التدخل الخارجي الذي أدى إلى إسقاط معمر القذافي وقتله في ليبيا. عندما طُلب من المشاركين تقييم عملية التدخل، اعتبر 35% منهم أنها كانت ldquo;خطوة صائبةrdquo;، بينما رأى 46% منهم أنّ ذلك التحرك كان خاطئاً.
في هذا الإطار، قال تلحمي: ldquo;كنتُ أظن أن دعم تلك الخطوة سيكون أكبر من ذلكrdquo;، وقد اعتبر أن المشاركين السعوديين في استطلاع الرأي كانوا منقسمين حول هذا الموضوع. تجدر الإشارة إلى أن تلحمي، بالإضافة إلى عمله في معهد بروكينغز، هو أستاذ في مركز أنور السادات للسلام والتنمية في جامعة ميريلاند.
صدرت نتائج استطلاع الرأي في زمنٍ من التشكيك المستمر بنتائج الربيع العربي الذي بدأ منذ سنة تقريباً. بينما يوشك اليمن على الانهيار وتستمر حملات القمع وأعمال العنف المتزايدة في سورية، وبينما يواجه الجيش تحدياً صعباً لإثبات دوره عشية الانتخابات البرلمانية في وقتٍ لاحق من هذا الشهر في مصر، من المتوقع أن تراجع عواصم العالم نتائج هذا الاستطلاع عن كثب.
حين سُئل المشاركون المصريون عن رأيهم بنوايا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم مصر منذ سقوط الرئيس حسني مبارك في شهر فبراير الماضي، قال 21% من أصل 750 مصرياً مشاركاً في الاستطلاع إن المجلس ينوي تعزيز مكاسب الثورة، بينما اعتبر 43% منهم أنه يهدف إلى إبطاء مكاسب الثورة أو الانقلاب عليها. على صعيد آخر، اعتبر 40% منهم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يبالي بما يحصل. وحين طُلب من المصريين اختيار مرشح من لائحة تضم تسعة قادة خارجيين كي يقتدي به الرئيس المصري المقبل، اختار 38% منهم أردوغان، بينما حصل الرئيس محمود أحمدي نجاد على تأييد 11% منهم، ورئيس جنوب إفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا على 9%، والملك السعودي عبدالله على 8%، والرئيس أوباما على 5% فقط.
وعندما طُرح السؤال نفسه على المشاركين في الاستطلاع من الدول الخمس، حصل أردوغان أيضاً على تأييد بنسبة 31%، يليه الملك عبدالله ومانديلا وأمين عام حزب الله حسن نصرالله (9%) ثم أحمدي نجاد (8%). ولم يحصل أوباما على أكثر من 4%، مباشرةً بعد الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ولكنه تفوق على رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين.
وحين سُئل المصريون عن البلد الخارجي الذي يريدون الاقتداء بنظامه السياسي، حلّت تركيا في المرتبة الأولى (44%)، تليها فرنسا (10%)، ثم المملكة العربية السعودية والصين وألمانيا (8% لكل منها). فقال تلحمي: ldquo;تركيا هي النموذج الفعلي الذي يحظى بأكبر تأييد في مصرrdquo;. وعندما طُلب من المشاركين في الاستطلاع تسمية بلدين لعبا برأيهم دوراً بنّاءً في أحداث الربيع العربي، اختار نصف المشاركين من الدول الخمس تركيا، ثم فرنسا (بنسبة 30%)، ثم الولايات المتحدة (24%)، ثم الصين (20%)، وأخيراً بريطانيا (11%). بحسب رأي تلحمي، قد تعكس هذه النتائج المواقف المتناقضة تجاه التدخل الأجنبي في هذه المنطقة، إذ تُعتبر فرنسا وبريطانيا الأكثر عدائية في هذا المجال، بينما تبقى الصين الأقل عدائية. ويحتل دور الولايات المتحدة التي كانت تتحرك من وراء الكواليس مرتبة وسطية بين المعسكرين. بينما كانت تركيا نجمة العام على جميع المستويات، سجّل الأميركيون وأوباما نتائج أفضل بقليل في استطلاع الرأي العام العربي مقارنةً بعام 2010، مع أن النتائج كانت أفضل من ذلك في عام 2009 حين ارتفعت الآمال بحدوث تغييرات جذرية في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط خلال عهد أوباما، وقد جرى استطلاع الرأي في عام 2010 بعد فترة وجيزة من عملية المغاوير الإسرائيليين ضد أسطول ldquo;مافي مرمرةrdquo; الذي كان متوجهاً إلى غزة، وسبّبت تلك الحادثة سخطاً عارماً ضد إسرائيل والولايات المتحدة التي دافعت عن العملية. عبّر 26% من المشاركين في استطلاع الرأي في البلدان الخمسة عن آراء جيدة تجاه الولايات المتحدة، بعد أن كانت هذه النسبة 10% السنة الماضية، أما مَن تحدثوا إيجاباً عن أوباما فشكلوا 34% هذه السنة، مقارنة بـ19% عام 2010، علماً أن هذه النسبة وصلت إلى 39% عام 2009.
صحيح أن 47% من المشاركين العرب أكدوا عام 2009 أنهم ينظرون ldquo;بتفاؤلrdquo; إلى السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن 20% فقط أعربوا عن وجهة نظر مماثلة اليوم. وقد شهدت هذه النسبة ارتفاعاً طفيفاً عما سجلته السنة الماضية (14%)، وفق استطلاع الرأي.
يبدو أن خيبة الأمل هذه تعود في جزء كبير منها إلى دعم الولايات المتحدة إسرائيل، وفق تلحمي، فعند السؤال عن الخطوتين اللتين تستطيع واشنطن اتخاذهما لتحسن مكانتها في المنطقة، أجاب 55% أن عليها عقد اتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني، في حين قال 42% إن على الولايات المتحدة أن ldquo;تتوقف عن دعم إسرائيلrdquo;.
على نحو مماثل، ذكرت نسبة كبيرة من المشاركين في الاستطلاع (46%) أن القضية الإسرائيلية-الفلسطينية هي أكثر ما خيّب أملهم في السياسة الأميركية السنة الماضية. صحيح أن استطلاع الرأي كشف عن دعم قوي ومستمر (67%) لحل إقامة دولتين بين المشاركين العرب، إلا أنه عكس أيضاً تراجعاً كبيراً في الثقة بأن من الممكن تحقيق هذا الهدف من خلال المفاوضات الثنائية، كما تصر إسرائيل والولايات المتحدة.
ومع أن 40% من المشاركين قالوا السنة الماضية إن هذه المفاوضات قد تؤدي في رأيهم إلى حلّ، فمازال 20% منهم فقط متمسكين باعتقادهم هذا راهناً، فقد ذكر نحو 4 من كل 10 مشاركين (39%) أن هذه المسألة لن تُحلّ إلا من خلال تسوية تفرضها الأمم المتحدة (24%) أو الولايات المتحدة (15%).
أما عن الشأن الإيراني، فقال 64% من المشاركين إنهم يعتقدون أن إيران تملك الحق في تنفيذ برنامج نووي، مقارنة بـ53% عام 2009، وأشار 25% فقط إلى ضرورة الضغط عليها للتخلي عن هذا البرنامج، بعد أن كانت هذه النسبة 40% قبل سنتين، ولكن كما في البحرين، كذلك أيدت الأغلبية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ممارسة الضغوط على طهران، علماً أن حكومتي هاتين الدولتين تتهمان إيران بالسعي إلى السيطر على منطقة الخليج العربي.
ويبدو أنهما أقنعتا الرأي العام العربية في الدول الأخرى بأن إيران تشكّل خطراً كبيراً، فقد ذكر 18% من المشاركين من الدول الخمس إيران، عندما طُلب منهم أن يحددوا البلدَين اللذين يشكلان أكبر خطر يهددهم، مقارنة بـ12% عام 2009، لكن 71% من المشاركين ذكروا إسرائيل و59% الولايات المتحدة.
وعند السؤال عن الدولة التي يختارونها، إن كانت ستسيطر على العالم قوة عظمى واحدة، احتلت الصين الصدارة مع 23% (بزيادة 9% عما سجلته عام 2009، تلتها ألمانيا (15%) ثم روسيا (12%) ففرنسا (10%). وهذا تراجع كبير بالنسبة إلى فرنسا التي سجلت 30% السنة الماضية، أما الولايات المتحدة فحصلت على 7% فقط، محتلة المرتبة ذاتها كما باكستان.