علي حماده

مرة جديدة يعلن النظام في سوريا قبوله اللفظي بالمبادرة العربية المتمثلة ببروتوكول يقضي بإرسال مراقبين عرب الى سوريا للتحقق من توقف النظام عن اطلاق النار على المدنيين. ومرة جديدة يبقى الامر عالقا بين الاخذ والرد، واستيضاحات من هنا، وطلب تعديلات من هناك، واشتراطات بإلغاء العقوبات فور التوقيع، فضلا عن شرط اخير يصفه دبلوماسيون عرب بـquot;التافهquot;، هو اصرار النظام في سوريا على ان يتم التوقيع في دمشق وليس في مقر الجامعة العربية. quot;تافهquot; يقولون لأن نظام بشار الاسد اوصل سوريا الى حافة الحرب الاهلية، بقتله اكثر من خمسة آلاف مواطن، واجتياحه المدن والبلدات بالعشرات، وصولا الى التمسك بشرط يستمطر منه شيئا من الاعتبارية المتهاوية على مستوى الخارج. والحال ان الاسد، ترتفع في كل مكان بدءا من العالم العربي وانتهاء بالمجتمع الدولي اصوات تناديه بالتنحي لأنه لا يمكن رئيسا ان يستمر في حكم بلاد بعدما صار على قاب قوسين او ادنى من ان يفتح ملفه الشخصي مع اركانه في محكمة الجزاء الدولية. فالرسالة الصريحة القوية التي صدرت قبل ايام في حق النظام في سوريا بتصويت مجلس حقوق الانسان في جنيف بغالبية ساحقة بإدانة النظام بإرتكاب افعال ترقى الى جرائم ضد الانسانية، هي الطريق الاسرع الى المحاكم الدولية. هذا في وقت يتم فيه عمل توثيقي جبار لكل الجرائم التي يمارسها نظام الاسد، الامر الذي سيعرض عاجلا ام آجلا المعني الاول للملاحقة الدولية. ومن هنا سيواجه الاسد الابن نهاية محتملة في لاهاي يتنقل فيها بين محكمة الجزاء الدولية الناظرة في الجرائم ضد الانسانية في حق الشعب السوري، والثانية المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة في جريمة اغتيال رفيق الحريري وسائر شهداء quot;ثورة الارزquot; في لبنان.
في موضوع البرتوكول مع الجامعة العربية لا يشذ بشار عن مساره القديم، فيحاول اللعب على عنصر الوقت بالمماطلة والتحايل واختراع شروط بات من المعلوم انها مرفوضة. فإفتقار بشار الفاضح الى الصدقية يمنع لجنة المتابعة الوزارية العربية من قبول شرط الغاء العقوبات فور التوقيع، باعتبار ان المطلوب هو التنفيذ الفوري والتام لبنود البروتوكول. وللعرب مع النظام في سوريا تاريخ سلبي حافل. اكثر من ذلك، ثمة عامل شخصي في الموضوع فقد انتهى التعامل مع الاسد على انه رئيس مكتمل الشرعية. انه في عرف العرب والعالم في طور الخروج من الحكم. وكل الحلول ومشاريع الحلول تدور حول مرحلة انتقالية تبدأ بتنحي الاسد الابن عن الحكم وخروجه مع عائلته وفريقه الامني والمالي من البلاد.
لقد فقد بشار صدقيته الداخلية والخارجية على حد سواء، وتحول بنظر ملايين السوريين وبنظر المجتمع الدولي قاتل اطفال. ومن هنا يمكن القول ان مستقبله صار وراءه. ولعله يفوته وهو يشتري الوقت بقتل الناس ان صفحة quot;سوريا الاسدquot; طويت، وان quot;جمهورية حافظ الاسدquot; ماتت. وان المستقبل هو لثورة الحرية والكرامة تسقيها دماء احرار سوريا وحرائرها.