محمد عبدالقدوس

أعلنت مع غيري رفضنا للدكتور كمال الجنزوري رئيسا للوزراء لأسباب عدة ذكرتها في حينها مع احترامي لشخصه فقد كان يصلح عندما جاء الي منصبه أيام الرئيس المخلوع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن الدنيا تغيرت الآن واختيار المجلس العسكري له أراه من عجائب مصر التي لا تنتهي!!

وفي المقابل رشح ميدان التحرير الذي أتشرف بالانتماء الي صفوفه الدكتور البرادعي رئيسا لحكومة إنقاذ وطني تضم مختلف التيارات، لكن الرجل بصراحة أصابني بخيبة أمل مع غيري، ولذلك لا أملك سوي أن أشكوه الي laquo;التحريرraquo;!! مطالبا بتقديم بديل له، وعندي رؤية لهذا الموضوع.
وحضرة الدكتور المرشح القادم من laquo;بلاد برةraquo; لم يكن علي مستوي المسئولية لأكثر من سبب، وعايز حضرة القارئ يحكم في الموضوع بنفسه! فقد جاء الي ميدان التحرير في جمعة الغضب حيث كان المكان ممتلئا علي آخره بمئات الآلاف من المصريين احتجاجا علي الشهداء الذين سقطوا في مواجهات مع الشرطة قبلها بأيام وصدق أو لا تصدق.. ظهر البرادعي لحظات لم ينطق خلالها بكلمة واحدة ثم انسحب في هدوء لدرجة أن الكثيرين لم يشعروا به وكنت واحدا منهم، فهل هذا سلوك يليق بقائد من المفترض أن يقود الأمة في مرحلة حرجة من تاريخها! كنت أتصور أن يخطب في الجماهير المحتشدة ليكسبهم الي صفه ويلتفوا حوله في مواجهة حكم العسكر لكنه لم يفعل!
ومن ناحية أخري أعلن حضرته استعداده لتشكيل الحكومة وتنازله عن منصب رئيس الجمهورية بشرط إعطائه صلاحيات كاملة لمنصبه، وكان من المفترض أن يقدم مع إعلانه هذا رؤيته وأهدافه التي يعمل علي تحقيقها من خلال حكومته المنتظرة، لكنه التزم الصمت كعادته! مع أن السكوت هنا ليس من ذهب! وهكذا خاب أملنا فيه من جديد.
ويلاحظ بالإضافة الي ذلك أنه من الصعب جدا الاتصال به ويبدو أنه يعيش في برج عاجي.. طيب ليه يا باشا؟! وفي ظني أن عمله الدبلوماسي الطويل بالخارج كان له تأثيره في ترفعه عن الاختلاط بعباد الله، فالدبلوماسي عادة متحفظ في علاقاته بالناس العاديين!
ويلاحظ علي laquo;سموهraquo; كذلك أنه لم يبذل أي جهد للاقتراب من القوي السياسية التي ترفضه، وفي مقدمة هؤلاء التيار الإسلامي، فكيف يمكنه تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وهناك قطاعات واسعة من المجتمع لا تقبله!! والخلاصة أنه جاء الي مصر بعد غيبة طويلة ضيفا عزيزا مكرما، لكنه لا يصلح بالتأكيد لقيادة أمة! ويكفيه شرفا أنه كان أحد الرموز المهمة التي استضاءت به بلادنا وهي تتصدي للاستبداد السياسي الذي كان جاثما علي أنفاسنا.
وإذا سألتني عن البديل، فإني أقول لك إن الدنيا قد تغيرت تماما بعد يوم الثلاثاء العظيم حيث الإقبال الشعبي الذي لم يبق له مثيل في انتخابات مجلس الشعب وأكدت الملايين أنها تتطلع الي التغيير، لكنها تريد الاستقرار أيضا! ولذلك فإن علينا القبول بحكومة الجنزوري ومتابعة ما يفعله، ومحاسبته في الشارع والتحرير حساب الملكين، والإشادة به إذا كان أداؤه مفاجأة وبذل جهده في تلبية مطالب مصر والثوار! وفي انتظار مجلس الشعب القادم الذي لن يقبل بحكومة يرفضها الشعب، وعندي أمل كبير أن يكون أول برلمان بعد الثورة منحازا الي الثوار.. يا رب.