14 اذار تطلق غداً خياراتها للمرحلة المقبلة وميقاتي في laquo;مرمى نارraquo; حلفاء لسورية

بيروت ـ وسام أبو حرفوش

بدت بيروت كـ laquo;المتلعثمraquo; تحت تأثير laquo;تسوناميraquo; التحولات التي انفجرت مع laquo;الزلزالraquo; المصري، فهي مضطرة لـ laquo;الأخذ في الاعتبارraquo; ما يحوطها من متغيرات دراماتيكية وهائلة، في الوقت الذي تنتظرها استحقاقات لا مناص منها، الامر الذي يزيد من ضبابية المشهد اللبناني المتراجع الى المقاعد الخلفية من سلم الاهتمامات الاقليمية والدولية.
ففي اللحظة التي تتجه عيون العالم قاطبة الى بيانات جنرالات المرحلة الانتقالية في مصر التي تستعد لاسترداد موقعها الاقليمي، يتوارى لبنان خلف laquo;ديبلوماسية صامتةraquo; لإخراج laquo;عدة شغلraquo; المرحلة الجديدة المتمثلة بالحكومة الى العلن، وسط حسابات laquo;متحركةraquo; محلية واقليمية في ضوء الحراك laquo;الاستراتيجيraquo; في المنطقة المصابة بـ laquo;الغليانraquo;.
فرغم الكلام الكثير عن صراع الاحجام الذي يعوق ولادة سريعة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد قلب المعادلة السياسية laquo;عنوةraquo; في الداخل، فإن laquo;التمهلraquo; الذي يفرمل تلك الولادة، طبيعية كانت ام قيصرية، يرتبط على نحو ادق بـ laquo;حسابات اقليميةraquo; لم تتبلور بعد، تقوم على القراءة الاستباقية للمرحلة السياسية المستجدة في لبنان في ضوء ادوار سورية وتركيا واسرائيل وايران بعد خروج المارد المصري من القمقم.
وفي تقدير دوائر مراقبة ان عملية إخراج المعادلة السياسية الجديدة في لبنان تتم وفق خطين متوازيين:
الاول يأخذ في الاعتبار laquo;أجندةraquo; الاكثرية الجديدة الممسكة بزمام الامور، كالحاجة الى تشكيلة حكومية تتضمن تكريس التموضع الجديد للبنان في اطار المحور السوري ـ الايراني، وإسقاط المفاعيل اللبنانية للمحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، وتصفية laquo;تركةraquo; سلطة laquo;14 مارسraquo; داخل مؤسسات الدولة.
والثاني يعمل على مواءمة المعادلة السياسية الجديدة في لبنان مع الوقائع الاقليمية المتحركة، والتي تملي على سورية الاصغاء لعواصم اقليمية ودولية laquo;معنيةraquo; كأنقرة والدوحة وباريس وواشنطن، وربما تل ابيب الأكثر ميلاً لإطلاق يد دمشق في لبنان، على غرار مراحل سابقة كانت تجد فيها تل ابيب الدور السوري في لبنان laquo;ضمانةraquo; لابقاء الوضع تحت السيطرة.
وتحت هذا السقف الاقليمي تندفع مجريات اللعبة السياسية اللبنانية، لملاقاة ثلاث محطات بالغة الحساسية: الموقف الذي تعلنه غداً قوى laquo;14 اذارraquo; بزعامة سعد الحريري في مهرجان احياء الذكرى السادسة لاغتيال والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، نتائج المفاوضات المتعددة الاتجاه التي يجريها الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة التي لم تتضح هويتها بعد، والقرار الاتهامي المنتظر صدوره قريباً عن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الحريري ـ الأب.
وعشية ذكرى 14 فبراير عقدت قوى 14 اذار اجتماعاً مصغراً في منزل الرئيس سعد الحريري في وسط بيروت عرضت خلاله التحضيرات لإحياء ذكرى جميع شهداء laquo;ثورة الأرزraquo; غداً في مجمع laquo;بيالraquo;.
وأعربت في بيان عن laquo;ترحيبها وتضامنها مع بيان الثوابت الوطنية الذي صدر عن المجلس الإسلامي الشرعي ومجلس المفتين والنواب المسلمينraquo;، مؤكدة laquo;أن هذا البيان التاريخي يتلاقى مع الثوابت التي يجتمع حولها اللبنانيون دفاعاً عن النظام الديموقراطي واتفاق الطائف والمحكمة الدولية واستقلال لبنان وسيادة الدولةraquo;.
وتنظر اوساط سياسية الى الذكرى السادسة لاغتيال الحريري على انها محطة مفصلية في مسار تشكيل الحكومة ولا سيما ان كلمات الخطباء الاربعة الذين عُلم منهم الحريري ورئيس حزب الكتائب امين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية لـ laquo;القوات اللبنانيةraquo; سمير جعجع، سيرسمون laquo;بخطاب واضحraquo; معالم برنامج عمل laquo;المعارضة الجديدةraquo; وهو الدور الذي ستلعبه قوى 14 اذار في المرحلة المقبلة انطلاقاً مما رافق إبعاد الحريري الى laquo;النهج الإقصائيraquo; في تشكيل الحكومة الجديدة الذي يعبّر عنه أفرقاء 8 اذار.
ووسط ما سيحمله احتفال laquo;البيالraquo; الذي سيشكّل اول الغيث في عملية laquo;تحميةraquo; شعبية تتوَّج في 14 اذار المقبل بمهرجان جماهيري ضخم في laquo;ساحة الشهداءraquo; في الذكرى السادسة لـ laquo;انتفاضة الاستقلالraquo;، وفيما دخلت وثيقة laquo;الثوابتraquo; التي صدرت عن القمة السنية الدينية - السياسية التي عُقدت في دار الفتوى يوم الخميس على خط عملية التشكيل laquo;المتريّثةraquo; مستجلبة للرئيس المكلف الذي شارك فيها انتقادات قاسية من بعض أطراف قوى 8 اذار، يطلّ الأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصر الله بعد ظهر الاربعاء في الاحتفال الذي يقيمه الحزب لمناسبة ذكرى شهداء laquo;المقاومة الاسلاميةraquo;.
في موازاة ذلك، بقيت التشكيلة الحكومية تراوح laquo;مكانهاraquo; من دون ان تنجح laquo;ماكيناتraquo; الاتصالات التي تعمل ليل نهار في تأمين ولادة الحكومة التي يرسم البعض سقفاً زمنياً لإبصارها النور يراوح بين الاسبوع المقبل وبين ما بعد بت المحكمة الدولية القرار الاتهامي في جريمة الرئيس الحريري الذي رفعه المدعي العام دانيال بلمار الى قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين في 17 يناير الماضي.
ووسط تقارير ذكرت ان التشكيلة الحكومية التي يعدّها ميقاتي كانت شبه منتهية في الساعات الأخيرة، لكنه أعاد النظر فيها بعد اللقاء الأخير الذي جمعه والوزير بطرس حرب (من فريق 14 اذار) من حيث امكان إشراك هذا الفريق في الحكومة وهو ما كان محل ترحيب لدى الرئيس ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري، اعتبرت اوساط مراقبة ان موضوع انضمام laquo;المعارضة الجديدةraquo; الى الحكومة أمر صعب جداً في ضوء عدم قدرة ميقاتي على تقديم laquo;الضماناتraquo; المطلوبة منه حيال ملفي المحكمة والسلاح غير الشرعي وعدم laquo;موْنتهraquo; على 8 اذار لجعل قوى 14 اذار تشارك بما لا يقلّ عن الثلث زائد واحد (اي ثلث مقرّر من باب laquo;التعطيلraquo;) وهو ما يسمى بـ laquo;المشاركة الوازنةraquo;.
وتبعاً لذلك ترى هذه الأوساط ان موضوع الحوار مع 14 اذار تستفيد منه الأخيرة لإظهار الفريق الآخر على انه إقصائي، فيما يخدم قوى 8 مارس على صعيد laquo;شراء الوقتraquo; في إطار عملية تذليل العقبات ولا سيما في ما يتعلق بالعقد التي يرفعها زعيم laquo;التيار الوطني الحرraquo; النائب العماد ميشال عون بوجه الرئيس المكلف والتي بلغت حدّ محاولته حصر التمثيل الوزاري المسيحي (نصف الحكومة) به من دون اي حصة لرئيس الجمهورية. من دون إغفال العقدة المتصلة برفض 8 اذار حتى الساعة ان يُمسك رئيسا الجمهورية والحكومة من خلال حصتهما بالثلث زائد واحد.
واشارت معلومات الى ان ميقاتي تشاور في الساعات الأخيرة مع كل من بري والمعاون السياسي للأمين العام لـ laquo;حزب الله laquo;الحاج حسين خليل وممثلين لـ 14 اذار والنائب تمام سلام (من الأكثرية السابقة) الذي أكد أن من المبكر الحديث عن قرار المشاركة أو عدم المشاركة في الحكومة.
كما عُلم ان طه ميقاتي، شقيق الرئيس المكلف تناول يوم الجمعة طعام الغداء مع الوزير جبران باسيل (صهر عون) وتباحثا مطولا في موضوع توزيع الحقائب في الحكومة الجديدة.
في هذه الأثناء، انضمّت وثيقة الثوابت الوطنية الاسلامية التي خرجت عن اجتماع دار الفتوى بموافقة ميقاتي، الى العناوين الخلافية التي استتبعت انتقادات حادة لها من فريق 8 اذار بلغت حد وصف الاجتماع بانه laquo;لقاء الفتنةraquo;، بالتزامن مع laquo;إطلاق نارraquo; ذات دلالات على ميقاتي من قريبين من سورية.
وفي هذا السياق، لفت اعلان الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي (لم يحضر اجتماع دار الفتوى التي يقاطعها) ان laquo;مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني أُبقي في منصبه كي تصدر مثل هذه المواقفraquo;، مستغرباً laquo;حضور ميقاتي الاجتماع لانه بحضوره اعطى براءة ذمة للمفتي وشرّع وجودهraquo;، ملاحظا laquo;ان الافكار التي وردت في البيان هي افكار الرئيس فؤاد السنيورة ونفَسُهraquo;.
وحمل كرامي بعنف على الرئيس المكلف وقال: laquo;لا اعتقد ان ميقاتي سيعتذر عن التشكيل لان اقدامه حافت من عاصمة الى اخرى ليصل الى رئاسة مجلس الوزراءraquo;، مشددا على انه لا يوافق على تشكيل الحكومة في حال اعتذر الرئيس المكلف.
واضاف: laquo;يطرحون اسم نجلي فيصل كوزير لحرقه كما فعلوا معي، ولم نطلب الامر ولم يعرضه احد عليناraquo;.
وفي اطار متصل، ذكرت تقارير ان ميقاتي ابلغ الى فيصل كرامي أنّه لن يضمّه الى تشكيلته الوزاريّة مراعاةً للنائب أحمد كرامي، وهو ما دفع كرامي الى شنّ حملة على الرئيس المكلف، توقّع متابعون ان ترتفع وتيرتها في الأيّام القليلة المقبلة.
واختار الوزير السابق وئام وهاب انتقاد ميقاتي للمرة الثانية في 48 ساعة، بعد استقباله السفير الروسي الكسندر زاسبيكين، اذ اعلن على خلفية رفض الرئيس المكلف توزير اسماء laquo;استفزازيةraquo;، ان laquo;استبعاد رئيس الحكومة المكلف لوزراء سماهم laquo;استفزازيينraquo; هو أمر مستغرب، وكذلك جلوسه مع قتلة وسارقين وناهبين ولم يصنّفهم استفزازيينraquo;، سائلاً laquo;هل يعتبر استفزازيا من دافع عن خط وطني وعروبي؟ وهل الاستفزازي هو مَن كان سببا في وجوده في رئاسة مجلس الوزراء؟raquo;.
اما الوزير السابق ميشال سماحة الوثيق الصلة بالقيادة السورية فرأى laquo;ان اجتماع دار الفتوى هو اجتماع فتنةraquo;، مؤكدا laquo;ان الرئيس بشار الأسد لم يتدخل مع العماد عون بأي شأن تفصيلي له علاقة بلبنانraquo;.
واوضح سماحة ان laquo;لا امكان لمشاركة 14 اذار بالحكومة لأنه اذا اردنا حكومة تنتج لا يمكن تركيب حكومة تضم قوى 14 اذارraquo;.