تل بيب
زعماء العرب أن يفهموا جيدا ارادة الشعب وان ينتهجوا سياسة تعكس مطالبهم'. هذه الحكمة قدمها امس الرئيس السوري بشار الاسد، في اثناء لقاء مع اعضاء كونغرس امريكيين. وكالة الانباء السورية أفادت بان الاسد شرح لضيوفه الاهمية التاريخية للاحداث، والتي تهز الان ليبيا، بعد أن اسقطت مصر وتونس.
رغم هذا القول القوي يفضل الاسد على ما يبدو تجاهل حقيقة ان أقلية علوية، تعد نحو 10 في المئة، تسيطر على وتقمع نحو 75 في المئة من المسلمين السنة في سورية. سلالة الاسد قمعت كل بادرة معارضة بقوة شديدة: الذروة كانت في احتجاجات 1980 حين قتل الجيش السوري الاف المتمردين السنة، من مؤيدي التيار الاسلامي. وفي السنوات الاخيرة عمل الاسد نفسه بوحشية ضد محاولات الاسلاميين رفع الرأس. في بداية الشهر حاولت المعارضة السورية تنظيم يوم غضب، على نحو يشبه الاحداث في مصر، ولكنها فشلت في مهمتها. بعد اسبوعين، اندلعت في دمشق مظاهرة احتجاج عفوية، في اعقاب اعتداء شرطي على مواطن. النظام، بدلا من أن يرد بالقوة، بعث بوزير الداخلية لمصالحة المتظاهرين.
لدى ملك البحرين، حمد بن عيسى، الوضع معاكس. أقلية سنية هي التي تحكم اغلبية شيعية، تطالب الان بحقوقها. وثائق ويكيليكس كشفت النقاب عن ادعاءات البحرين، من السنوات الاخيرة بان سورية، ايران وحزب الله يحرضون الشيعة ضد الاسرة المالكة ولكن المظاهرات في البحرين، التي بدأت قبل الاحداث في ليبيا، توقفت قليلا بعد ان قرر الملك سحب الجيش من الشوارع، في محاولة للشروع في حوار مع المتظاهرين.
لمصالحة المعارضة الشيعية أمر الملك باطلاق سراح المعتقلين من الاحداث الاخيرة، ولكن المتظاهرين لم يتوقفوا امس ايضا. في مدينة العاصمة المنامة جرت مظاهرة ضمت نحو 30 الف شخص طالبوا بتغيير سياسي في الدولة الخارجية. فقد طالبوا باقالة رئيس الوزراء وانتهاج اصلاحات تؤدي الى ديمقراطية حقيقية، تضع الشيعة في موقع قوة.
كما ان رئيس الجزائر، عبدالعزيز بوتفليقة اتخذ امس خطوة اخرى لمصالحة مواطني دولته، ممن يطالبون بالتغيير السياسي. بعد 19 سنة، قررت الحكومة ازالة نظام الطوارىء، الذي فرض على الدولة في اعقاب الحرب الاهلية في التسعينيات. وسيدخل الامر حيز التنفيذ بشكل فوري فيقيد قدرة الجيش على العمل كقوة ردع ورقابة. ومع ذلك فان هذه الخطوة لن تؤثر على الحياة السياسية في الجزائر، ولهذا فان هناك احتمالا ضئيلا في أن ترضي الرأي العام.
الجزائر كانت أول من تلقى عدوى موجة الاحتجاج العربية العامة، بالتوازي مع الاحتجاجات الضخمة في تونس، الاف الشباب خرجوا الى الشوارع في الجزائر العاصمة ولاحقا في مدن اخرى ايضا. وقد اندلعت المظاهرات بعد أن أعلنت الحكومة عن رفع اسعار الحليب، السكر والطحين. وارتدت المظاهرات طابعا عنيفا، في سياقها هاجم المتظاهرون قوات الامن واحرقوا محطات للشرطة ومبانيَ عامة. ومنذ ذلك الحين هدأت الخواطر بعض الشيء، ولكن انعدام الرضى لا يزال يقلق الحكم، الذي يخشى من ان تشتعل النار من جديد في كل لحظة.
حيال السياسة التخوفية للدول العربية، يواصل محمود احمدي نجاد الرئيس الايراني العمل بتصميم لقمع كل محاولة من المعارضة للعمل ضد الحكم. وبعد تجربة المظاهرات الطلابية في 2009، تعمل قوات الامن الايرانية، بمساعدة ميليشيا البسيج، بمنهاجية ضد المتظاهرين وقادتهم. وأمس اعتقلت الشرطة ابن مهدي كروبي من قادة المعارضة، وحاولت اعتقال ابناً آخر. 'الحركة الخضراء'، من جهتها،
وعلى رأسها كروبي ومير حسين موسوي، وعدت بمواصلة الاحتجاج ضد الحكم المحافظ. والان يتبقى الانتظار لنهاية الاسبوع كي نرى اذا كان المطالبون بالتغيير في ايران، والى جانبهم المتظاهرون في الدول العربية، سيستغلون الزخم ويستمرون الى الامام، لإسقاط الحكم التالي.
معاريف 24/2/2011
- آخر تحديث :
التعليقات