بنغازي : من موفد العرب: حسام حنفي

أصحاب القبعات الصفراء أو laquo;المرتزقةraquo; هم كلمة السر في بقاء نظام معمر القذافي حتى الآن في مواجهة أكبر احتجاج ضد نظام حكمه الممتد على مدى 40 عاما، وكما هو معروف أن المرتزق يطلق عادة على من يستأجر في المعارك ضد عدو مقابل مبلغ مادي دون أن يكون صاحب صلة أو عقيدة تدعوه للمحاربة.

وعلى عكس ما يشاع في الإعلام عن قتلهم والتنكيل بهم، تقول عناصر الثورة في بنغازي: إنه ما إن يتم القبض على مرتزق حتى يتم تسليمه لأقرب نقطة للجان الوطنية المسلحة لتأمين تسليمه للجان التحقيق والتوثيق، بينما يمنع على الجميع الاقتراب من مكان السجن أو التصوير، والسبب احترام حقوق هؤلاء المرتزقة في التحقيق العادل والحقيقي دون ضغوط، وكذلك الاحترام لاتفاقية جنيف للأسرى.
ومن مقر السجن داخل مقر محكمة بنغازي، تقع إحدى زنازين المرتزقة في أحد الأدوار العلوية للمحكمة، وهي تحوي 15 متهما من جنسيات التشاد والنيجر والصومال.
يقول أحدهم -طلب عدم ذكر اسمه-: إنه وزملاءه كانوا يعملون في ليبيا منذ سنوات في مهن كثيرة والناس قبضوا علينا.

قواعد إنسانية
ويعامل المرتزقة هنا وفق قواعد إنسانية أيضاً، فلهؤلاء الحق في الخروج لفترة قصيرة خلال اليوم لرؤية الشمس والهواء.
ويقول مرتزق آخر: إنهم مظلومون ولم يقتلوا أحداً، لكن زميله وكان صامتاً ورفض أن يتحدث، عرفت أنه حمل على طائرة من بلده الصومال إلى ليبيا ظناً أنه سيعمل هنا لكنه فجأة أصبح مرتزقاً.
ويومية المرتزقة غير معلومة، فالبعض يقول هنا: إنها نحو 2000 دولار في اليوم، ومن يقتل ليبيا يحصل على 5000 أو 7000 دولار.
بعض شهود العيان ما زالوا يؤكدون أن بعض المرتزقة لم يقوموا بعمليات قتل لكن القذافي استغل حالتهم المادية والاجتماعية السيئة وجاء بهم إلى البلاد لإخافة الليبيين فقط.

إشاعة الخوف
يقول أبوحسين، أحد سكان مدينة أجدبيا، ويعمل بالحماية الوطنية العسكرية للمدينة: إن القذافي يحاول بالإضافة إلى إخافة الليبيين من وجود المرتزقة الأفارقة، أن يعمل على إيهام الليبيين بأن الدول العربية تدعمه من خلال بعض المرتزقة من الجزائر وتونس، وبالطبع هؤلاء لم يكونوا من أهالي تونس والجزائر ولكنهم من بعض القاطنين على أطراف الحدود.
ويضيف: إن العقيد المتشبث بالسلطة يشيع أن قبائل laquo;أولاد عليraquo; في مصر يدعمونه، وهو ما نفاه رؤساء القبائل.
ويتابع أبوحسين: خلال المواجهات بين أهالي أجدبيا وقوات القذافي حاصر الأهالي عربة محملة بالمرتزقة كانت آتية من الجزائر، وأوقفوها وأسروا من فيها.
والليبيون لا يعتبرون من حارب ضدهم من الغرباء مرتزقة فقط، بل يعتبرون من حارب ضدهم أو أطلق عليهم الرصاص من المرتزقة أيضاً، وهؤلاء مسجونون مع المرتزقة.
ففي إحدى زنازين محكمة بنغازي، ينزوي أحد ضباط كتيبة الفضيل التي قتلت المئات من المواطنين المتظاهرين في بنغازي، وهو يرفض ذكر اسمه ولكن كنيته أبومحمد، وهو يخدم في الجيش منذ 4 سنوات.

تهديدات المرتزقة
يقول أبومحمد: إنه ذهب إلى كتيبة من يوم 16 فبراير لقمع المظاهرات وأخذ أوامر من عبدالله الصوفي وهو مسؤول الأمن الداخلي laquo;أمن الدولةraquo; في بنغازي بضرب أي متظاهر بالسلاح.
ويضيف: عندما دخلت إلى الكتيبة وجدت المئات من المرتزقة الأفارقة ملثمين، وهي المرة الأولى التي أجد فيها أفارقة بداخل الكتيبة، وكانت نسبتهم بين أفراد الكتيبة نحو %25 والبقية من الليبيين المجندين.
ويتابع قائلا: في 17 فبراير خرجنا من الكتيبة بأسلحتنا وكان معي سلاح الكلاشنكوف وآخرون كان بحوزتهم أسلحة مضادة للطيارات والدبابات، ووجدنا اللواء أبوبكر يونس مسؤول اللجنة الشعبية المؤقتة للدفاع وعضو مجلس الثورة بنفسه يقود أفراد الكتيبة لقتل المتظاهرين، وكان يؤكد علينا أن نقتل كل من يوجد أمامنا، وخرجت مع أفراد الكتيبة وكان المرتزقة الأفارقة لا يضربون معنا ولكنهم كانوا يضعون أسلحتهم على رؤوسنا ويرغموننا على قتل المتظاهرين ومن يرفض يتم قتله أو اقتياده إلى مقر كتيبة الفضيل ويتم حرقه.

مرتزقة تشاد
ويقول محمد عيسى عزالدين، مندوب الجالية التشادية بالمنطقة الشرقية: لا أعلم حقيقة وجود مرتزقة في ليبيا، ووزير الخارجية التشادي نفى من الأساس وجود مرتزقة سافروا إلى ليبيا، وفي حالة وجودهم تعتبر جريمة كبرى شاركت فيها حكومة تشاد.
ويضيف: الشعب التشادي يستنكر الحديث عن وجود مرتزقة، والعلاقات بين الشعوب جيدة، وليس بين الأنظمة فهناك تقريبا 250 ألف تشادي في ليبيا ولا يمكن أن نرفع السلاح ضد الليبيين.
وأكد عز الدين أن الجالية التشادية ليست ضد الثورة وهذا شيء طبيعي، مشيراً إلى أن هناك حالة تخوف من حدوث مواجهات أو مضايقات للتشاديين. وتابع: إن الجالية التشادية لن تغادر وتترك الليبيين في هذه المحنة أبدا.