علي حماده

تأخر الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله في توجيه quot;رسالةquot; الى الثورات العربية، من تونس الى مصر فليبيا واليمن، واستطرادا البحرين. تأخر لأكثر من اعتبار، الأول ان هذه الثورات عدا تلك التي في البحرين اتت في إطار خصوصيات محلية كان من المستحيل على quot;حزب اللهquot; المستتبَع لإيران ان يكون له دور فيها بالنظر الى طبيعة المجتمعات المعنية، وطبيعة الثورات التي انفجرت على خلفية المطالبة بالحرية، والاصلاح الداخلي قبل اي شيء آخر. وهذه quot;بضاعةquot; لا يبيع منها حزب مرتبط بإيران ورسمت له وظيفة اقليمية تتمحور على الصراع العربي ndash; الاسرائيلي، بالتحالف مع سوريا. وبالتالي مهما قال السيد نصرالله البارحة في خطابه المتلفز الى الشعوب العربية، فإنه اتى من خارج السياق، وهو محدود التأثير، إن لم يكن معدومه.
لقد ثارت تونس لاسترجاع حريتها وكرامتها ولتأسيس ديموقراطية، ومثلها مصر. وفي هذا المضمار لم يكن quot;حزب اللهquot; قادرا ان يقدم شيئا لهذه الشعوب وهو المستتبَع لنظام في طهران يمثل أعلى مراتب الشمولية الأمنية والايديولوجية حيث يُقتل الطلاب والمثقفون والشباب لأنهم اعترضوا على عملية التزوير في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ان quot;حزب اللهquot; الذي يفتخر قائده بأنه جندي من جنود quot;ولاية الفقيهquot; لا يسعه ان يعطي الدروس في الحياة العامة والخاصة، وفي الديموقراطية للشعوب الثائرة على الأنظمة التوتاليتارية من تونس إلى اليمن. لا صدقية للمتحدث في هذا المجال.
ونتوقف هنا عند المسألة البحرينية التي لا ينطبق عليها نموذجي تونس ومصر وحتى نموذج ليبيا. فالحال الاشكالية الطائفية في البحرين تجعل من اي مطالب اصلاحية مرهونة بالتوازنات الطائفية بين السنة والشيعة. وثمة معلومات متداولة على نطاق واسع عن دور أمني جرى تكليف quot;حزب اللهquot; به كي يكون صلة الوصل بين المعارضة البحرينية وطهران. واكثر من ذلك تقول المعلومات ان عناصر من المعارضة البحرينية تلقت تدريبات في معسكرات لـquot;حزب اللهquot; في لبنان. وهذه المشكلة المطروحة تعقد عملية التمييز بين ما هو امني وما هو سياسي مشروع.
وبالعودة الى الثورات العربية وصدقية quot;حزب اللهquot; المفقودة نسأل السيد حسن نصرالله هل يعتقد ان النظام في سوريا أفضل لشعبه من الانظمة العربية التي جرى اسقاطها في الشهرين الماضيين؟ وهل يعتبر ان شعب سوريا ينعم بالحرية والكرامة والديموقراطية والحكم الرشيد والنزيه؟ وما هو موقفه من قتل الناس في شوارع درعا، واعتقال النساء وضربهن في الطرق؟ وهل ان سهير الأتاسي او الطيب تيزيني عميلان للصهيونية ام مناضلان من اجل الحرية والكرامة والاصلاح؟
مشكلة quot;حزب اللهquot; انه يفتقر الى الصدقية بعدما صار في لبنان نفسه قوة مسلحة تقمع غالبية الشعب اللبناني، وتمارس القهر السياسي بالترهيب. وهو الحزب الذي يستمد جذوره الفكرية والمعنوية والمادية من نظام شمولي ويتحالف مع إحدى اقدم ديكتاتوريات الشرق العربي واكثرها دموية في الداخل والمحيط على حد سواء.
لهذه الاسباب بدا الأمين العام للحزب الذي خاطب الشعوب العربية الثائرة بالأمس كأنه يخاطب نفسه لا اكثر.