عبدالرحمن سعد العرابي

* تصريح المصدر السعودي المسؤول، واستهجانه لما صدر عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني، أوضح بلا لَبْس العقلية العنصرية والشعوبية والطائفية التي تحكم إيران في أيامنا هذه، والتي كما سبق وأن ذكرت، وكما تؤكد على ذلك شواهد وحقائق ووقائع التاريخ أن إيران دولة توسعية وشعوبية بامتياز، وليست في حاجة إلى إخفاء، أو تجميل، وإن اتّبع بعض ساستها في أوقات معينة (التقية) لاستمالة هذا، أو تمرير مشروع، فذلك ليس سوى تكتيك سرعان ما ينكشف وتفضحه الممارسات الإيرانية ذاتها.
* ليس من الآن وإيران تعادي العرب بكل صراحة، وفي وضح النهار، حتى وإن أصرَّ بعض أبناء العروبة بغير ذلك. فلها منذ القِدم أطماع في دول الخليج العربي؛ لأنها تؤمن بأن هذه المنطقة مِلْكٌ لها بادّعاءات تاريخية واهية.. فلم يحدث أبدًا أن حكمت إيران كامل الخليج، بل وكما هو واضح من ديمغرافية المنطقة أنها عربية أصيلة.. ولكن العقلية الشعوبية التي تحكم وتتحكم في إيران تصرُّ على تفوّقها العِرقي، حتى وإن تفوّق عليهم العرب، وحكموهم، وأصبحوا أسيادًا لهم، كما حدث عبر التاريخ الإسلامي أيام الأمويين والعباسيين.
* ولهذا أقولها بحق: لم أستغرب تصريح لجنة الأمن القومي الإيراني laquo;الطفوليraquo;، بالمفهوم السياسي، حين وصف مساندة المملكة العربية السعودية لمملكة البحرين ضد المتآمرين الطائفيين بـ laquo;اللعب بالنار في منطقة الخليجraquo;. ولطفولية التصريح، فأنسبُ ردٍّ له هو المثل العامي: laquo;صحيح اللي اختشوا ماتواraquo;، أو كما يقول إخواننا المصريون: laquo;بطلوا ده، واسمعوا دهraquo;!.
* المملكة العربية السعودية أكبر وأهم دول الجزيرة العربية، والعضو الفاعل والمؤثر الأكبر والمؤسس laquo;لمجلس التعاون الخليجيraquo;، تلعب بالنار حين تنفذ اتفاقيات ومعاهدات والتزامات مجلس التعاون؟ أَوَليس ذلك في صلب التزاماتها تجاه الأشقاء العرب، وأعضاء مجلس التعاون؟ أم أن إيران وهي تدرك قيمة ومكانة المملكة لم يعجبها التحرّك السعودي الذي فهمته جيدًا في كونه قطع عليها الطريق إلى تحقيق أطماعها التوسعية في منطقة الخليج العربي؟
* إيران أرادت، وتريد الاستفراد بدول الخليج الصغيرة، واحدة تلو الأخرى. فميزان القوى مع تلك الدول هو لصالحها. كما أنها تسعى من خلال إثارة النعرات الطائفية، واستغلال الإيمان الشيعي، وما يفرضه من ولاية وتقليد إلى جذب أبناء تلك الدول إلى صفّها وتأييد مطامعها، ولكن التدخل السعودي أجهض كل ذلك. ولهذا كانت ردود الفعل الإيرانية غير منضبطة، وغير واعية.
* ولأن إيران تدرك حجم ووزن وثقل المملكة في العالم الإسلامي، أوحت إلى عملائها وأتباعها في العراق، ولبنان إلى التنديد بالخطوة السعودية تجاه الأشقاء في مملكة البحرين، عسى أن تعيد لها التوازن، وتستعيد المبادرة.. ولكن المملكة، وكما هو دأبها في سياستها الخارجية راجحة، متعقلة، رزينة، تقف على أرض صلبة، أفقدت الإيرانيين صوابهم، وتركتهم يتخبطون كمن مسّه الجان.
* إن كانت إيران وساستها الشعوبيون يسعون بحق إلى حُسن جوار، فيجب عليهم أولاً أن يحترموا الواقع والتاريخ اللذين يبيّنان أن العرب هم ركيزة الإسلام الأساسية، وأن المملكة العربية السعودية هي حجر الزاوية في هذا البناء، فهي مهبط الوحي، ومنبع الرسالة، وموطن العرب الأصلي، وهكذا حقائق يصعب تجاوزها إطلاقًا حتى مع العقلية الشعوبية. ومَن لم يعجبه يشرب من ماء الخليج العربي.