أم كلثوم الأغنية الفارسية

باريس

فقدت الساحة الفنية العالمية منذ ايام واحدة من رموزها بوفاة المطربة الايرانية laquo;مرزيةraquo; أو مرضية بعد معاناه مع الغربة والألم.

وقد انشغلت الأوساط الإعلامية الغربية، وتحديدا الأوروبية، الأسبوع الماضي بوفاة المغنية الايرانية مرزية، عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما في العاصمة الفرنسية باريس سبب الاهتمام، لا يعود فقط إلى كونها عاشت سنواتها الأخيرة في فرنسا، حيث ختمت مسيرتها الغنائية بحفل قدمته في باريس، بل لكم اخر من المعطيات اولها المكانة التي تحتلها هذه النجمة الكبيرة.

ونشير هنا الى انها وهي في عمر الثانية والثمانين، أجرت معها الصحافة الأميركية، حواراً كما في شيكاغو تريبيون ، كونها تجسد صورة المبدع المضطهد من قبل نظام الثورة الاسلامية في ايران لم تكن مرزية لتحتل مساحات في الصفحات الثقافية في مطبوعات أميركية وأوروبية الأسبوع الماضي، لو حدثت وفاتها في زمن وظرف مختلفين.

المطربة، التي تُشبّه بأم كلثوم عند العرب، كانت قد بدأت مسيرتها الغنائية مبكرا في أداء شخصية شيرين في الأوبريت الغنائي المستند الى أسطورة الغرام فرهاد وشيرين. في العام 1945 كان طابوراً من الشعراء والملحنين الايرانيين يتمنى أن تقوم بترجمة إبداعاته الى أغانٍ كلاسيكية.

في نهاية السبعينيات، تغير نظام الحكم في ايران، وتشدد قادة الثورة الاسلامية في منع أغاني النساء من الاذاعة في الراديو بوصفها laquo;عورةraquo;. أبعدت هذه الاجراءات مرزية عن الغناء مدة تزيد على 15 عاما، كان التشدد خلالها قد لان، لكن حين طلب منها العودة الى الغناء رفضت.

زارت باريس للمرة الأولى العام 1994، بصحبة مريم راجافي، التي اعدم أخوها وأختها في ايران، ما جعلها تنتخب في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، المعادي للنظام الحاكم في ايران والذي يتخذ من الخارج مساحة لتحركه، وسرعان ما انضمت مرزية الى هذه الحركة، وزارت العراق حيث غنت للجنود الإيرانيين في معسكرات مجاهدي خلق.

laquo;الحب غير موصوف، بل هو مقتول في ايرانraquo;، قالت في مقابلة لصحيفة أميركية تتقاطع سيرة مرزية الايرانية، مع سيرة أخرى لمغنية ايرانية كردية تحمل الاسم ذاته، عاشت في السويد متزوجة من كردي، وتوفيت العام 2005.

تعتبر أيضا رمزا للأكراد الإيرانيين، والأكراد بشكل عام، ومعروفة جدا في أوساطهم في سورية وتركيا والعراق، والخارج. وهي كانت عضوا بارزا في الحزب الشيوعي في بدايتها، وتوفيت عن عمر قليل لا يتعدى 46 نتيجة مرض عضال. أيضا، تمت استعادة ذكرى هذه الفنانة، لدى وفاة مرزية الايرانية، لكي تضاعف جرعة الحزن ووقع حكايات المبدعين المضطهدين، أو المشردين بفعل تشدد النظام الايراني. تتقاطع هذه الأخبار، مع حفاوة كبيرة ينالها صناع السينما الايرانية في المهرجانات الدولية، وتحديدا أولئك الذين تحمل أعمالهم رسائل سياسية واضحة أو مبطنة باختلاف مكان تصويرها في ايران أو خارجها ضد نظام الثورة الاسلامية.

وفي هذه الحفاوة بالابداع الايراني اظهار النقيض للنقيض الذي يراد تصويره بالمتحجر والمضطهد.

وقد أعرب صناع فيلم laquo;لا أحد يعرف عن القطط الفارسيةraquo;، بعد عرضه في مهرجان أبوظبي السينمائي، العام الماضي، أن الفيلم الذي يتناول العوالم السرية لفرق الموسيقى الشبابية في ايران قد صور في ايران من دون أذونات، وهو رد فعل على التشدد ضد الابداع. ونال الفيلم جائزة المهرجان، ومثله فيلم laquo;السهول البيضاءraquo; في مهرجان دبي السينمائي العام ذاته.

كما يشهد العام الحالي تكريم عدد من المخرجين الايرانيين ومن بينهم جعفر بناهي (الممنوع من السفر حاليا) وعدد آخر من المبدعين .

وبرحيل laquo;مرزيةraquo; تخسر الاغنية الايرانية أحد رموزها الفنية الكبيرة.