محمد عبيد

هل تنتقل الأوضاع في اليمن إلى ما يشبه سيناريو تونس بعد ساعات من رحيل زين العابدين بن علي؟ سؤال يتبادر إلى الذهن مع خروج المعارضة اليمنية ممثلة في تكتل ldquo;اللقاء المشتركrdquo;، بمبادرة لإنهاء الأزمة ترتكز على ترك الرئيس علي عبدالله صالح منصبه، وتسليم زمام الأمور إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وتشكيل حكومة تسيير أعمال من أحزاب المعارضة، وغيرها من ترتيبات انتقال السلطة التي لا يتسع المقام للخوض فيها .

وبالعودة إلى سؤالنا الأساسي، نجد أن مقترح المعارضة الذي تتحدث أوساط عن رعاية أمريكية له، تشوبه الكثير من الهنات والعيوب، ففي المقام الأول هو مرفوض من الشباب اليمني، إذ وصفه قيادي في ldquo;ثورة الشباب الشعبيةrdquo; بأنه لا يتعدى كونه ldquo;مخرجاً للسلطةrdquo;، وفي الوقت ذاته هو مرفوض ضمناً من الرئيس اليمني، الذي رد عليه بالدعوة إلى فض الاعتصام أولاً، ومن ثم يكون الحل ldquo;عبر الأطر الدستوريةrdquo;، ما يعني البقاء في السلطة إلى حين نهاية ولايته على الأقل .

ويبرز تالياً تساؤل عن مدى إمكانية نجاح مقترح ldquo;الإحلال والاستبدالrdquo; هذا في إنهاء الأزمة، أو تلبية مطالب الشباب المتظاهرين والمعتصمين الذين لا مطلب لهم سوى إسقاط النظام، وفتح الباب أمام الحريات، والعدالة، في التوزيع وفي الفرص، الذي يشكل رفض ممثليهم للمقترح أبلغ تعبير عن استبعاده كخيار للحل .

وإن شكّل مشروع المعارضة للحل ldquo;مخرجاً للسلطةrdquo; حسب الشباب اليمني، فإنه أيضاً يشكل استمراراً للوضع الراهن، مع تغيير في الوجوه، مثلما حدث في الثورتين المصرية والتونسية، الذي ما لبث أن أسقطه الشباب بأيديهم، واستبدلوا به من يعتبرونه ممثلاً لتطلعاتهم وثورتهم، كما أنه معرض للفشل في ظل المعادلة اليمنية المعقدة المبنية على القبلية أساساً، ومن ثم الانتماءات الأخرى، ومنها الحزبية والفئوية .

حل الأزمة يتطلب تلبية ما نادى به المتظاهرون منذ اليوم الأول (التغيير)، وبات من الواضح بناء على تجربتي ثورتي الشباب في تونس ومصر أن تغييراً شكلياً، لا يلقى موافقة ldquo;محرك الثورةrdquo; لا يمكن أن يمرر، كما أن التغيير المبني على رؤى أحزاب المعارضة التي يرى فيها الشباب عجزاً لا يقل عن السلطة، وأحياناً ارتهاناً لها ولإغراء الكرسي، مصيره الوأد في المهد .

ويبدو أن التسريبات الإعلامية التي لا تكف عن التواتر، عن مساعٍ متسارعة محلية وأمريكية وأوروبية للتوصل إلى تسوية، على قاعدة رحيل صالح وأسرته وأخيه غير الشقيق علي محسن الأحمر الذي انشق وانضم إلى المتظاهرين، لا تلقى قبولاً في أوساط الشباب الذين حددوا المطالب مسبقاً، إسقاط النظام، ومحاكمة رموزه، الأمر الذي لا يلبيه مقترح المعارضة، ولن تلبيه التسريبات الإعلامية إن صدقت .

اليمن ينتظر التغيير، والشباب يريدونه كاملاً ومعبراً عن تطلعاتهم، ولعل تغييراً كهذا يحمي اليمن من أخطار انقسام طالما لاح في الأفق قبل ثورة الشباب، وطالما شكل عناوين الأخبار، لكنه الآن تراجع إعلامياً وعلى الأرض، لتحل مكانه الاحتجاجات الشبابية الشعبية، المطالبة بالحرية والعدالة والإنصاف .