أحمد الجارالله
لا تزال المعارضة اليمنية تضع العصي في دواليب التوصل إلى حل للازمة المتفاقمة في بلادها, بينما هي لا تتمتع بالغطاء الشعبي الكافي ليخولها فرض الشروط في الوقت الذي تؤكد فيه تظاهرات كل يوم جمعة أن الرئيس علي عبدالله صالح يتمتع بتأييد الغالبية الشعبية التي تجتمع في الميادين والساحات العامة لتجديد الولاء له, ما يعني أن هذه المعارضة تحاول دفع اليمن إلى الفوضى تماماً كما حدث في مصر التي دمرها منطق ديكتاتورية الأقلية.
المعارضة التي لم تتفق بينها على موقف موحد, وتتجاذبها الأهداف الخاصة لكل فريق منها, إذا كانت فعلا تريد حلا يجنب اليمن الحرب الأهلية عليها أن تجلس إلى طاولة الحوار مع الرئيس علي عبدالله صالح الذي أعلن منذ أول تظاهرة احتجاج أنه على استعداد للتخلي عن السلطة وتسليم الحكم إلى أيد أمينة وفق الدستور وبطريقة سليمة, إلا أن من تسمي نفسها المعارضة رفضت ذلك وطالبت بتنحيه فوراً عن الحكم, من دون أن تقدم بديلاً متفقاً عليه من الجميع, وهو ما لم يفهمه أحد أبداً, إلا إذا كانت بموقفها هذا تريد السير في مشروع الحوثيين الذين يريدون إقامة دويلة على شاكلة دويلة quot;حزب اللهquot; في لبنان تتحكم باليمن كله, كما يفعل حسن نصرالله حالياً في بلاده, ساعتئذ يجب أن تعلم هذه المعارضة أنها تضع بلادها والمنطقة ككل على فوهة بركان نتيجة لما ستترتب من قلاقل على هذا الأمر, ومن تهديد للأمن القومي لدول الخليج العربية التي يعتبر اليمن خاصرة مهمة لها.
دول quot;مجلس التعاونquot; التي قدمت مبادرة لحل الأزمة في اليمن عليها أن تعلم أنه لا يمكن للرئيس اليمني التخلي عن الغالبية المؤيدة له والتنحي عن الحكم استجابة لإملاءات الأقلية, فهذه الدول إذا سارت في هذا الاتجاه لكان عليها قبل ذلك الخضوع لمنطق الأقلية في البحرين التي تحركها إيران, ولكانت قبلت بدفع الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى التخلي عن الحكم خضوعاً لمنطق الأقلية, ولذلك المطلوب منها الآن أن تساعد الرئيس علي عبدالله صالح تماماً كما فعلت في البحرين, لا سيما أن العالم كله- باستثناء إيران التي تريد موطئ قدم لها في اليمن- يتفهم مواقف الرجل الذي لا يريد الفوضى لبلاده, حتى الولايات المتحدة الأميركية التي أعلنت مواقف عدة وتحتمل أكثر من تأويل لم تطلب منه التنحي فوراً على شاكلة زين العابدين بن علي الذي استقل طائرته وغادر تونس وتركها تغرق في الفوضى.
هذه المعارضة الرافضة كل الحلول والتي ليست في موقع يؤهلها فرض الشروط عليها أن تتفق أولاً على من يمثلها وينطق باسمها, هل هم الحوثيون أم اللقاء المشترك أم الحراك الجنوبي أم حتى ابليس? وهل من سيحكم سيكون من هؤلاء أم ستترك الشعب اليمني يختاره بحرية ووفقاً للدستور?
لا تفسير لما يحدث في اليمن إلا الدفع نحو الفوضى وسيادة شريعة الغاب وليس الرغبة في التغيير, وهو أمر خطير جداً, إذا تركته دول الخليج على غاربه فسيكون على حدودها لبنان آخر يحكمه أكثر من حسن نصرالله ولكل واحد منهم أجندة مختلفة عن الآخر, ومصر أوضح الأمثلة على ذلك, إذ بعد أن تنحى الرئيس حسني مبارك لاتزال بلا إدارة واضحة للحكم, وشعبها لم يتفق حتى الآن على من يريد أن يحكمه.