حسان حيدر


يجلس حول الطاولة البيضاوية الشكل عدد من الجنرالات الذين تلتمع النجوم على اكتافهم وخبراء في مكافحة الارهاب ومستشارون في شؤون دول العالم العربي والاسلامي، سبق ان خدم بعضهم في افغانستان والعراق ودول اخرى في الشرق الاوسط، وأمامهم خريطة كبيرة ملونة ومفصلة ملأى بإشارات ودوائر وأسهم وعلامات استفهام. أما موضوع الاجتماع فليس سوى laquo;المعضلة اليمنيةraquo;.

السبب الذي دفع منظمي الاجتماع الى اختيار هذه التسمية هو انه بعد مرور سنوات طويلة على محاولة فهم الاوضاع في اليمن وكيف تسير الامور فيه والى اين تتجه، لا يزال الغموض هو الجواب الوحيد على الاسئلة الكثيرة التي يطرحونها، ولا يزالون عاجزين عن فك طلاسم طريقة حكم هذا البلد، وحل احجية العلاقات المتشابكة بين مكوناته، او وضع خطة ناجعة لمكافحة الارهاب المستفحل على اراضيه والذي يهدد بلادهم ايضاً.

وكان هؤلاء انفسهم توصلوا قبل نحو سنة، طوعاً او اضطراراً، الى خلاصة مفادها التخلي عن فكرة التدخل المباشر هناك جواً وبراً، والاكتفاء بتقديم الدعم المادي والتدريب لقوات الامن الوطنية التي تنوء تحت هم استئصال الارهاب ومساعدات مماثلة للتنمية. لكن لا تزال لدى بعضهم اسئلة محيرة لا بد من ايجاد اجوبة لها ولو تقريبية، لأنه يتوقف عليها ربما رسم استراتيجية العلاقة مع عدد من الدول المماثلة في منطقة تزداد أهمية مواردها يوماً بعد يوم وتترافق مع تعاظم خطر متطرفيها، ولهذا تقرر عقد الاجتماع.

وبين هذه الأسئلة على سبيل المثال: كيف يوفق الحكم اليمني بين الاستناد الى دعم القبائل والاسلاميين وبين دفاع هؤلاء عن المتطرفين من ابنائهم الذين يحاربونه بدورهم؟ وكيف يمكنه الجمع بين قتال laquo;القاعدةraquo; في بعض المناطق وتعيين من يعتبره الغرب laquo;المرشد الروحيraquo; للتنظيم الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيساً للجنة الاشرافية للحوار الوطني التي تتولى التفاوض مع احزاب المعارضة على تعديل القانون الانتخابي؟ او كيف يعجز الجيش عن حسم المعركة في مدينتي لودر ومودية حيث يعتمد الارهابيون اسلوب الكر والفر ثم ترسل الحكومة نحو 30 الف جندي بآلياتهم ومدرعاتهم الى المناطق اياها لتأمين مباريات laquo;خليجي 20raquo;؟ لماذا تعتبر القبائل التي تدعم الحكم ان الغرب يبالغ في خطر laquo;القاعدةraquo; لانه يريد فرض سيطرته على اليمن وان الرئيس يجاريه لانه يجد في الحرب على التنظيم فرصة لضرب معارضيه الداخليين بينما تواصل القبائل دعم الرئيس؟ اذا كان هذا الخطر مبالغاً فيه فما الذي تعنيه الاعتداءات المتكررة على السفارات الغربية في صنعاء والتي استهدف آخرها ديبلوماسية بريطانية كبيرة قبل ايام؟ ولماذا تقاوم الحكومة اليمنية بضراوة الضغوط الاميركية لبذل مزيد من الجهد في مكافحة الارهاب بينما تؤكد في كل يوم انها تخوض حرباً لا هوادة فيها ضد laquo;القاعدةraquo;؟ اذا كانت حكومة صنعاء تطالب دوماً بالمزيد من المساعدات الغربية والعربية فلماذا تمتنع عن تقديم أدلة على ان هذه المساعدات تصرف في وجه صحيح ولا تختفي في دهاليز الفساد والمحسوبية؟ ولماذا تتهم معظم الحكومات الغربية في مجالسها الخاصة الحكم اليمني بالتهرب من مسؤولياته في معالجة مشكلات بلده ثم تواصل دعمه مادياً وسياسياً؟

وبعد ساعات طويلة من النقاش استقر رأي المجتمعين على نشر اعلان في كبريات الصحف وقنوات التلفزة ووسائل الاعلام العالمية يعرض مكافأة مغرية لمن تتوافر لديه أجوبة شافية.