حسان حيدر
سؤال يتردد هذه الأيام مع تزايد الاعتداءات والتفجيرات في جنوب اليمن وشماله وسائر انحائه، وتكاثر أعداد الضحايا، والتزامن والتنسيق بين انشطة المجموعات الارهابية والمتمردة، وما يبدو انه عجز السلطات عن وقف مسلسل العنف والتدهور الأمني والاقتصادي.
وهذا على الأقل ما تحاول laquo;القاعدة في اليمنraquo; إثباته عبر استهداف العصبين الرئيسيين للنظام: الجيش والنفط. الأول لأنه اداة لفرض الأمن والقانون تُغلّب الانتماء الوطني على الروابط القبلية والعائلية السابقة لمفهوم الدولة، والثاني لأنه يكاد يصبح المورد الوحيد لبلد تتآكله الحروب وينهكه الفقر وينضب ماؤه ويهرب سياحه.
ولذا يندرج التصعيد الحاصل بين الطرفين خلال الاسابيع الاخيرة والذي يركز على استهداف قوات الأمن والمنشآت النفطية، في اطار توجيه التنظيم الارهابي laquo;دعوة مفتوحةraquo; الى تدخل خارجي، يعتقد انه سيتيح توريط الأميركيين في حرب جديدة بعد العراق وأفغانستان، على حد قول مرشده في اليمن انور العولقي.
والواضح ان laquo;القاعدةraquo; ليست مرتاحة كثيراً الى الخروج الاميركي من العراق ولا الاستعداد لخروج مماثل من افغانستان، قبل ان تستطيع laquo;إلحاق الهزيمة الكاملةraquo; بالولايات المتحدة. ولهذا تفعل ما في وسعها لتكريس اليمن ساحة للنزال تهدد الأمن الدولي، مثلما حصل مع النيجيري عبدالمطلب عشية رأس السنة الفائت، لعل الاميركيين يقتنعون بأن عمليات القصف الجوي بطائرات بلا طيار لا تكفي لإزالة التهديد ولا بد من التفكير بوسائل اخرى بينها ارسال قوات.
وتلجأ laquo;القاعدةraquo; الى وسائل الدعم المتاحة في اليمن. فهي اضافة الى كون عناصرها جزءاً من النسيج القبلي والاجتماعي، تتعاون مع دعاة الانفصال في الجنوب، على حد اتهام السلطات المتكرر، وتستفيد أمنياً من تغطيتهم ومعلوماتهم وامتداداتهم في المدن والقرى، مستغلة نقمة متصاعدة على تدهور الاوضاع المعيشية، على رغم انه يشمل البلاد كلها ولا يقتصر على الجنوب وحده. وتعاود كذلك إحياء التنسيق مع laquo;الحوثيينraquo; في الشمال الذين بدأوا فجأة حملة تصفية حسابات مع قبائل ساندت الدولة وعادوا الى مناوشة الجيش على رغم الضربة القاسية التي تلقوها وقبولهم باتفاق وقف القتال والعودة الى كنف الدولة.
ويتزامن التصعيد في عمليات laquo;القاعدةraquo; مع تصعيد في الصومال المجاور، يكمن في توسيع عمليات laquo;حركة الشبابraquo; المتحالفة معها الى خارج الحدود على غرار التفجيرين الاخيرين في اوغندا، والضغط العسكري المتواصل على حكومة مقديشو.
لكن يبدو ان آمال العولقي ستخيب. لأن الاميركيين يدركون ان اي تدخل عسكري مباشر في اليمن ستكون له عواقب كارثية عليهم وعلى اليمن نفسه، في ظل الوضع المعقد والمتداخل القائم هناك، ولأن مثل هذا التدخل مهما كانت تبريراته لا يمكن ان يقنع الرأي العام الاميركي، فضلاً عن العالمي، اضافة الى انه لا ينسجم مع توجهات الادارة الحالية الساعية الى laquo;فك الارتباط الحربيraquo; للولايات المتحدة.
الاجابة عن سؤال ما اذا كان اليمن دولة فاشلة تكمن في اقناع الاميركيين بضرورة المساعدة على تغيير أولويات الحكومة اليمنية: اي في حل المشكلتين الرئيسيتين اللتين تواجههما ndash; التمرد في الشمال والتذمر في الجنوب ndash; لكي تتفرغ للحرب على الارهاب، وذلك ليس ممكناً سوى عبر برامج التنمية الاقتصادية البعيدة الأمد ومساعدات اعادة الإعمار وتوفير الدعم المادي للجيش والقوى الأمنية، ودائماً بالتنسيق الإلزامي مع الجوار العربي.
التعليقات