مكرم محمد أحمد

ثمة خطأ في العلاقة بين ثوار ميدان التحرير والمجلس العسكري الأعلي يتطلب اعادة نظر شاملة, تحول دون تكرار ما حدث فجر السبت الماضي, وتزيل ما يمكن ان يتبقي من آثاره, وتفتح فرص التواصل والحوار والفهم المتبادل بما يقطع الطريق علي محاولات الوقيعة بين الجانبين.. واظن ان نقطة البدء الصحيح تكمن في ضرورة إقرار شباب الميدان بأن الجيش ليس مجرد حارس علي اهداف ثورة52 يناير, ولكنه شريك اساسي في صنع الثورة يتحمل مسئولية مصر والثورة معا, ينبغي ان يكون موضع ثقة شبابها, ولايجوز التشكيك في دوره او اخضاعه لضغوط تختبر نواياه, او المساس بأمنه او التشهير به, ويتحتم ادارة الحوار معه باعتباره شريكا, وليس ضدا يمكن تطويع ارادته, لان مسئولية الجيش والمجلس الاعلي تمتد خارج ميدان التحرير لتشمل الوطن بأكمله في ظروف مصيرية تتطلب وحدة الموقف والقرار, واحترام النظام العام, والالتزام بالاولويات الصحيحة, وإعادة تشغيل دورة الحياة خاصة اننا نأكل من لحمنا الحي!
كان المفروض ان يتم اخلاء ميدان التحرير في نهاية المظاهرة المليونية بعد ان اكد الشباب مطالبهم بضرورة محاكمة اقطاب النظام السابق خاصة انهم تلقوا اشارات واضحة تستجيب لكل مطالبهم, لكن بضع مئات من الشباب صمموا علي المبيت في الميدان ليعود الموقف بأكمله الي المربع واحد وتتعطل الحياة من جديد!
وكان المفروض ان يكون شباب الميدان اكثر حصافة من ان يحتضنوا عددا من العسكر المتمردين علي الاوامر بعد ان نبه الجيش لخطورة هذا الامر, لكن شباب الميدان اسبغ حمايته دون اي مسوغ علي هؤلاء ورفض تسليم المتمردين الي قيادتهم, ووضعوا الموقف في اختبار صعب لان الامر يتعلق بأمن وكرامة القوات المسلحة.
وكان المفروض ان يمتثل الشباب الذي آثر البقاء في الميدان لعمليات النصح المتكررة بعد ان وضح ان هناك من يدفع الموقف الي الصدام, لكنهم اصروا علي البقاء الي ان تتحقق كل المطالب التي يتم فرضها باسم الشرعية الثورية دون حساب لعواقب تصعيد الازمة!.
وقد يكون مطلوبا في الفترة المقبلة تكثيف عملية التشاور بين المجلس الاعلي وشباب الثورة حرصا علي التفهم المتبادل, لكن نقطة البدء الصحيح ان يدرك الشباب ان الجيش شريك اصيل في هذه الثورة لايجوز التشكيك في مواقفه, خاصة انه لم يخلف ايا من وعوده السابقة.