محمد صالح المسفر


اقترحت القمة العربية الماضية التي عقدت في مدينة سرت الليبية أن يكون انعقاد القمة العربية القادمة في بغداد ، وكان هناك بين العرب من المؤيدين لانعقاد القمة في بغداد وهناك من تحفظ مؤثرا الصمت ، وبين القادة من عارض انعقادها في بغداد ، ولكل أسبابه ودوافعه.
إن انعقاد القمة العربية في بغداد في هذه الظروف التي تمر بها أمتنا العربية ، والظروف التي يمر بها العراق ذاته لا تؤهله لاستضافة القمة العربية القادمة . في العراق حكومة ليست شرعية إذ احتكمنا لنتائج صناديق الاقتراع التي تمت قبل تولي المالكي رئاسة الحكومة الحالية ، لأن الفائز في انتخابات العراق في تلك الفترة الكتلة العراقية ( علاوي ) وكان من المفروض أن يكلف بتشكيل الحكومة طبقا لنتائج الانتخابات ، لكن تم الالتفاف على تلك النتائج وكلف المالكي بتشكيل الحكومة باتفاق أمريكي إيراني ولم يكن لنتائج الانتخابات أي إثر .ويقيني بأن السيد علاوي والمالكي خرجا إلى المسرح السياسي في العراق من تحت عبأت قوى الاحتلال الأمريكي البريطاني ولكننا قبلنا بالأكذوبة الديمقراطية في العراق لكنهم لم يقبلوا بها وأتو بالمالكي ليتمم رسالته في تعميق روح الطائفية البشعة ويجذر النفوذ الإيراني في العراق على قدم المساواة مع النفوذ الأمريكي . العراق ليس أمن فالاغتيالات مازالت سارية بين الناس ، والفساد والاستبداد والإرهاب من خصائص الحكومة القائمة في بغداد بقادة المالكي ، الأمر الثاني والأهم فإنه لا يوجد إجماع شعبي عراقي باستضافة القمة العربية.

( 2 )
عندما انفجرت الأحداث الشعبية في مملكة البحرين في الأسابيع الماضية مطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري ، وإجراء انتخابات برلمانية حرة وتصدت لها قوى الأمن لتفريق المتظاهرين والعودة بالشارع البحريني إلى طبيعته . كل ما جرى في البحرين سواء اتفقنا مع ما أقدمت علية الدولة من إجراءات أو اختلفنا فإنها مسألة داخلية بحرينية بين النظام وشعبة ، ويؤكد الكاتب أن قمع المظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق ووأد الفساد والاستبداد في أي عاصمة عربية أمر مرفوض ويجب أن يتوقف من قبل كل الأنظة السياسية في العالم العربي . إن من حق المواطنين أن يعبروا عن مطالبهم فرادى أوجماعات لكن بشرط أن لا يخلو بالأمن العام أو المساس بسلامة الممتلكات الخاصة والعامة . إن مهمة رجال الأمن في مثل هذه الحالات هو حماية المتظاهرين من أي عنف يواجهون وحماية الممتلكات من أي مساس بها دون عنف . إن التصدي لمطالب الشعب المشروعة من قبل قوات الأمن بالعنف أمر قد يؤلد الكراهية للنظام السياسي برمته ومن ثم تأتي التدخلات لتعمق الصراع بين الشعب والنظام السياسي وهذا ما نرفضه .
في هذا السياق قامت مظاهرات في كل من بغداد وطهران وعواصم عربية أخرى تحتج وتندد بالإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة البحرينية وكذلك بالمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون عامة على تعاونها مع حكومة البحرين فيما سمى حماية الأمن الداخلي من أي عبث قد يحدث .
إن التحشيد الإعلامي الذي حدث وما برح يحدث في الشارع العراقي والإيراني ولبنان ضد دول مجلس التعاون الخليجي أمر يجعل انعقاد القمة العربية في بغداد أمرا صعب قبوله وجوهر الرفض عندي ليس المظاهرات ضدنا في العراق وإنما جوهر الأمر هو أن الحكومة القائمة ليست شرعية طبقا لنتائج الانتخابات وعلى ذلك لابد من تغيير مكان انعقاد القمة العربية القادمة من بغداد إلى أي عاصمة عربية .
ملاحظة أخيرة لم أر أي مسيرات شعبية في بغداد أو بيروت تؤيد الثورة الشعبية الليبية والثورة الجارية في دمشق وصنعاء من يفسر لي هذه الأحجية ؟
آخر القول : لا للقمة في بغداد في الشهر القادم ، ليس كرها في بغداد ولكن رفضا لحكومة الاحتلالات .