القاهرة ـ من محمد الغبيري
تحول سجن مزرعة طرة في مصر، في الآونة الأخيرة، إلى واحد من أشهر سجون العالم، خصوصا بعد أن استقبل العشرات من كبار المسؤولين ورموز الفساد في نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وفي مقدمهم نجلاه علاء وجمال ورئيس الوزراء السابق أحمد نظيف، ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي، ووزيرا الإسكان السابقان محمد إبراهيم سليمان، وأحمد المغربي، ووزير السياحة زهير جرانة، وأمين التنظيم في الحزب الوطني أحمد عز... وغيرهم من كبار المسؤولين ورجال الأعمال.
وهؤلاء laquo;الكبارraquo; - كما يطلق عليهم البعض - قوبلوا بعاصفة غضب شديدة من نزلاء السجن فور وصولهم في سيارات الترحيلات، ووصل الأمر إلى حد سبهم وقذفهم بأبشع الألفاظ ورميهم بالأحذية، ما دفع مسؤولي السجن إلى إدخالهم من الباب الخلفي المخصص لنقل القمامة وتكثيف الحراسات عليهم.
laquo;الرايraquo; رصدت عن قرب سجن مزرعة طرة من الداخل، ويوميات الكبار بداخله.
السجن عادي جدا، ولكنه يستمد شهرته من نزلائه عبر التاريخ، كما أنه يتمتع بحريات أمنية كبيرة، لأنه سجن داخل سجن في منطقة سجون طرة.
وهو يضم اربعة عنابر كبيرة: عنبر laquo;رقم 1raquo;، مخصص للضباط والمستشارين المتهمين والمحكوم عليهم في قضايا فساد، وعنبر laquo;رقم 2raquo;، كان يحتجز فيه التائبون من الجماعات الإسلامية، وبعد ترحيلهم لسجون أخرى أصبح لاحتجاز الإخوان وفيه ست زنازين كبيرة واربع زنازين انفرادية، وملحق بالعنبر من اليمين واليسار عدد من الزنازين الانفرادية المعروفة بعنبر التأديب، وهو العنبر المحتجز فيه حاليا هشام طلعت مصطفى، حيث كان يستفيد من الزنازين الخمس الموجودة فيه وألحق به العادلي وعز وجرانة والمغربي.
أما عنبر laquo;رقم 3raquo; - وهو تحت الصيانة الآن - فكان يحتجز به قديما laquo;الإخوانraquo; المحكوم عليهم في قضايا عسكرية، وعنبر laquo;رقم 4raquo; الذي يحتجز فيه رجال الأعمال الذين كان غالبيتهم في الفترة الماضية معروفين بنواب القروض، كما يحتجز فيه عدد من المتخلفين عن الخدمة العسكرية الذين يعملون في خدمة رجال الأعمال داخل السجن.
في ساحة السجن مستشفى صغير مطل على حديقة، وفيه ملعب كبير لكرة القدم وآخر للتنس وثالث للكرة الطائرة بجوار المسجد، وفي مدخل السجن غرف الإدارة والضباط ومأمور السجن وحجرة متوسطة للزيارة، وفي العادة زيارة الكبار تتم في غرفة كبيرة على يسار الداخل لسجن المزرعة.
كما يوجد مطعم كبير به laquo;شيفraquo; مشهور بإعداد أفضل الوجبات من مشويات وأسماك يضاهي في مأكولاته أفضل الفنادق الخمس نجوم، ويساعده شيف يقوم بإعداد السفرة لكبار النزلاء التي يطلق عليها داخل السجن laquo;الطبليةraquo;، كما يقوم بإعداد افضل أنواع العصائر وأحيانا الحلويات الشرقية.
وللسجن نظام محكم في فتح الزنازين وغلقها، كما هو متبع في السجون، فيقوم الحراس بفتح الزنازين في تمام السابعة صباحا، ويتم غلقها في تمام الخامسة بعد العصر، ويظل المساجين خلال الفترة من الخامسة عصرا حتى السابعة صباحا بمعدل 14 ساعة داخل زنازين مغلقة.
المسؤولون الكبار (سابقا) يعيشون في زنازين متجاورة مواجهة للزنازين التي تضم المساجين الجنائيين الذين لا يلتقون معهم إلا في صلاة الجمعة داخل المسجد، وهؤلاء لايزالون في صدمة مما ينتظرهم من مصير مجهول، فهم يرتدون ملابس بيضاء رياضية من ماركات عالمية بدل ملابس السجن الاحتياطي الخاصة بالسجن... يستيقظون في السابعة صباحا، ويخرجون إلى الساحة يتريضون لمدة ساعة، وأولهم حبيب العادلي والذي يحرص على الجري كما كانت عادته عندما كان وزيرا، حيث كان يمارس رياضة الجري منذ الخامسة فجرا في laquo;نادي الجزيرةraquo;، وتظهر في رياضة المشي والتريض رشاقة المغربي وجرانة وعز، بعد انتهاء ممارسة الرياضة يتناولون طعام الإفطار وغالبا ما يتكون من الجبنة الرومي والجبن الأبيض، وبعد ذلك كل واحد منهم له مطلق الحرية في أن يذهب لزنزانته ليشاهد التليفزيون، وفي أوقات الفراغ يجلسون مع بعض كل يختار رفيقا. يستمعون دائما لنصائح هشام طلعت مصطفى لأنه صاحب خبرة وأقدمية في السجن عنهم، فهو حذرهم من الحرارة الشديدة داخل الزنازين في الصيف، ووصفها بأنها لا تطاق... الزيارات تأتي إليهم بانتظام وتستمر نصف ساعة، ويأتي إليهم الأبناء والأزواج وأزواج البنات والأشقاء.
يتمتع هشام طلعت مصطفى بعلاقات وطيدة مع الجميع باستثناء أحمد عز، حيث تجمعهما عداوة شديدة، ويعتقد عز أن المعاملة السيئة من قبل المساجين والسباب الفاحش الذي يتلقاه هو بتوجيه من هشام بسبب صراعاتهما السابقة بعدما فتح الأخير باب استيراد الحديد من تركيا.
الجميع هنا يخضعون للوائح السجن من دون تمييز، مثلهم مثل أي سجين، فبعد وصولهم مباشرة تم وضع المتعلقات الشخصية لهم في غرفة الأمانات مثل الهواتف والنقود، ثم ارتدوا البدل البيضاء. وتم إيداعهم في زنازين التأديب الملحقة بعنبر رقم 2.
وعنابر التأديب الانفرادية التي يقيم بها مجموعة من الكبار حاليا، كانت مخصصة في الماضي للمتطرفين والمتهمين في قضايا إرهابية، فالزنزانة مساحتها 6 أمتار، وتسع لسرير صغير وثلاجة صغيرة ودورة مياه، وقام المسؤولون السابقون بعمل ستارة من البلاستيك لمنع انتشار الرائحة الكريهة داخل الزنزانة... الثلاجة يوضع فيها الطعام والعصائر التي ترد لهم خلال الزيارات وهذه العنابر تضم زنزانة العادلي التي تجاور زنزانة هشام طلعت، ثم زنزانة جرانة، وبعدها أحمد عز، وتليه زنزانة المغربي، ثم زنزانة أنس الفقي، وأخيرا زنزانة عهدي فضلي، أما كبار قيادات الشرطة إسماعيل الشاعر، وعدلي فايد، وأحمد رمزي، فيقيمون في عنبر واحد كان مخصصا من قبل للقيادي الإخواني خيرت الشاطر، كما يقيم عمرو عسل، ومنير غبور، وأسامة الشيخ في عنبر ثلاثي أيضا.
التعليقات