نجيب عصام يماني

سقطات بعضها فوق بعض، في مخالفة وتعد لتعليمات ولي الأمر بعدم استخدام منبر الجمعة في تصفية الحسابات والانتقام من الآخرين. في المدينة (15293) قام العريفي بتصويب سهامه إلى صدور المخلصين واصفاً إياهم بالسلوليين أحفاد عبدالله بن سلول المنافق الذي أزعج مجتمع المدينة بمؤامراته وتجنيه على رسول الله وإيذائه أم المؤمنين عائشة زوراً وبهتاناً فكان في الدرك الأسفل من النار. وكان السبب في وصف العريفي هذا. تناول بعض الكتاب موضوع خروج المرأة للعمل فوصفهم بالسلوليين رغم أنها مسألة خلافية تعتبر أقرب إلى العادة منها إلى العبادة.
أما السقطة الثانية أيضاً ففي المدينة (15398) وهي بعنوان أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه، وأتى بقصة لمحتضر فرط في أمر نفسه ذنوباً ومعاصي وحضره الموت، وبدأ أهله يلقنونه كلمة التوحيد وهو يدافع العبرات فلما بدأت روحه تنزع صاح بأعلى صوته أقول لا إله إلا الله، وما تنفعني لا إله إلا الله!! جهل العريفي أن الشهادة هي الأهم، تنقل الإنسان من حالة الكفر إلى الإيمان، حارب عليها رسول الله ثلاثة عشر عاماً لم يقل لهم بصوم أو صلاة وإنما كان يطلب النطق بكلمة التوحيد، علم عليه الصلاة والسلام أن من قالها فقد عصم نفسه وماله ووكلت سريرته إلى الله.
أما الثالثة فكانت إعلانه من إحدى الفضائيات أنه سيصلي الجمعة في القدس، حيث أطلقها ونام ملء عينه واختصم القوم، وأصبح العريفي بهذه الفرقعة الإعلامية شاغل الدنيا، اسمه يتردد في الفضائيات، حتى إذا اكتفى شهرة برر قوله بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع.
وفي يوم الوطن فرحاً بعودة ولي أمره بعد أن من الله عليه بالشفاء تترى صور الحب المتأصل في نفوس أبنائه وبناته في كل مكان والالتفاف الصادق حول قيادته ومكتسبات وطنه والحفاظ على وحدته. يشكر الملك العلماء ويتبعهم بالكتاب، يخرج علينا العريفي من منبر الجمعة في خطاب انفعالي. واضعاً كل الكتاب في ركن مظلم مسلطاً عليهم سهام نقده الجارح من عمالة وخيانة وقبض من السفارات يشهد زوراً بأنهم يمسكون القلم بيد وفي الأخرى ما حرمه الله، هدفهم بيع المجتمع بثمن بخس ورؤية نسائه عراة على الشواطئ. وطنيتهم منزوعة وأخلاقهم مسمومة ونظراتهم مشبوهة تسيطر عليهم الشهوات وتحركهم النزوات، مذكرا إيانا بشطحات الصحوة في الثمانينات وخطابهم الذي كان يخاطب العواطف ويدندن عليها بالترهيب والتخويف والتخوين والأكاذيب في نبرة هجومية من العيار الثقيل. عندما نصب منظروهم أنفسهم متحدثين باسم المجتمع والمحافظين على عفته. ساعدتهم الظروف وشدت من أزرهم بعض الرسائل والأطروحات التي أغشت أعيننا بلغتها الجافة وأدلعت أنفسنا بطعمها المر. حملت كل معاني الحقد وتكفير الآخر والتحريض عليه والتفسيق والتبديع وتجهيل مجتمع كامل وبث روح الانتقام والعداوة والبغضاء فيه، علاوة على الدخول في النيات ومعرفة أسرار القلوب ومفاتيح العقول لم يسلم منهم كبير أو صغير،
ما فعله العريفي اليوم من هجوم غير مبرر على كتاب الصحافة ومسؤوليها لا يخرج عن هذا المفهوم، وكأني به حن لعهد الصحوة البائد، الذي مضى وولى إلى غير رجعة بعد أن من الله على هذا الوطن برجال عرفوا الحق وما ينفع الناس فاتبعوه وعلموا الباطل وما يضر الناس فاجتنبوه، فتلاشت الصحوة وأصبحت جزءاً من تاريخنا المنسي الذي لا يمكن تذكره. لم يخاطب منظرو الصحوة العقول وإنما جيشوا العواطف من خلال منابرهم وأدواتهم الصحوية من كاسيت ومطويات ومخيمات وكان همها الأوحد إفهام المستمع أن المجتمع في خطر دائم وأن هناك فئة تعمل على تحويله وجره إلى التغريب والانحلال وإخراج المرأة وتعريتها وإفسادها وأنهم أي الصحويين حبل الله المتين والعروة الوثقى لن يخيب من يتمسك بها وسار في ركابهم واتبع خطاهم ونهج نهجهم المبين. لذا فإن ما نراه اليوم من تعد واضح على رموز المجتمع الواعي بمهاجمة المسؤولين والتنديد بقراراتهم التي قضت على وسائل الصحوة ومنابرها ومناشطها وغلق مخيماتها وتطهير التعليم من تشددهم ومنهجهم الخفي الذي أفسد علينا حياتنا الآمنة وحول أبناء المجتمع الواحد إلى متناحرين متنافرين مجاهدين بدون حق في أرض الله الواسعة، في إساءة بالغة إلى هذا الدين وأهله بسماحته ولينه ورقته.
خطبة العريفي ضد الكتاب محاولة لإثبات وجوده ولفت الانتباه إليه بعد أن أوشكت نجوميته على السقوط. فالظروف تغيرت والعقول النيرة سلبتهم ماضيهم الجميل فشعروا بالخوف والضياع أمام هذه التغيرات العاقلة، فلم يكن أمامهم إلا الصياح والعويل وإطلاق التهم وإلصاقها بالشرفاء الذين علقوا على صدورهم وشاحا مطرزا من كلمات خادم الحرمين الشريفين الذي وجه امتنانه للكتاب على وقفتهم الصادقة في وجه من أراد بوطن التوحيد سوءا، وحتى عاد الحاقدون بخفي حنين في جمعة حنين.
يمتدح العريفي نفسه ويمن على جنودنا عندما ذهب إلى الجبهة مرتدياً بزة عسكرية استعرض بها نفسه في عدة أوضاع لتعرضها المواقع مدعياً أنه هناك لرفع معنويات جنودنا. ما قام به بدعة لم يعرفها الإسلام وهي من أعمال الغرب الكافر، ويكفي الكتاب شرفاً أنهم نقلوا صور جنودنا ونصرهم بكل أمانة من داخل الجبهة ووقفوا خلف ولي الأمر في كل خطب ومحفل. ليس الموضوع كم كتب شرفاء الصحافة ولكن العقلاء ينظرون إلى صدق ما كتب وما قيل بروح مخلصة لا نفاق فيها ولا منة. كم من مرة حذرت الجهات المختصة من استخدام منبر الجمعة، اتق الله في أعراض الناس ولا تدخل في ذمتك ما لا تعلم فلا يعلم النيات إلا الله. الوطن في حاجة إلى من يجمعه لا من يفرقه. لننس الصحوة وأيامها وهذا الأسلوب الذي لم يعد يخيف أحداً. أسأت بفعلتك إلى المدرسة التي تنتمي إليها ولأبناء وطنك. التدين مشاعر إيمانية يفيض بها القلب وسلوك حسن تقوم به الجوارح.