أحمد الصراف


يبلغ عدد العلويين في سوريا مليوناً و400 ألف نسمة، وهم الأكبر بعد السنّة، وهناك ما يماثلهم من الشيعة والاسماعيلية، اضافة إلى 2.2 مليون مسيحي. يعود تاريخ العلويين، كتجمع منغلق، الذين يزيد عددهم في تركيا على 15 مليونا، الى ما قبل المسيحية، التي تأثروا فيها ولم يعتنقوها وربما لهذا سموا بالنصيريين، وما زالوا يحتفلون مثلا بعيدي الميلاد والفصح، كما أخذوا عن الاسماعيلية، اثناء فترة حكمهم، الكثير من طقوسهم واصبحوا بعدها أكثر قربا إلى الاسلام وعرفوا بالعلويين، نسبة الى علي بن أبي طالب، صاحب القدسية الأعلى لديهم. وبالرغم من تاريخهم الطويل وعددهم الكبير فإنهم قاسوا دائما من سوء معاملة الحكومات لهم، وكانت أوضاعهم المادية سيئة على مدى تاريخهم، ولكن كل ذلك تغير مع وصول الرئيس حافظ الأسد الى الحكم في 1970، حيث تحسنت أحوال الطائفة بشكل ملموس، وأصبح أفرادها من كبار رجال الأعمال وقياديي الجيش وامتد نفوذهم الى كل قطاع، بعد ان كانوا الطبقة الأدنى في المجتمع السوري.
ما يرعب نظام الحكم في سوريا حاليا ويدفعه الى مقاومة أي اصلاحات سياسية، ليس فقط تخوفه من أن أي تراخ أو تنازل سيؤدي في النهاية الى فقد العلويين لمكانتهم وامتيازاتهم وسيطرتهم على مقاليد الأمور، بل ما يحتمل وقوعه من أعمال انتقام بحقهم! وهنا نعتقد، أو نأمل، في أن الرئيس بشار الأسد يبحث عن مخرج مناسب للوضع الحالي المشتعل، فالوقت ليس في مصلحته، فمن الواضح أن لا مخرج مناسبا بغير اجراء تغييرات دستورية شاملة، وهذا لا يمكن أن يتم بغير التنازل عن سياسة الحزب الواحد أو الطائفة الواحدة، وبالتالي يمكن القول ان حصافة الرئيس الأسد ستظهر في قدرته على الاستمرار في الحكم ديموقراطيا، أو تسليمه للغير بطريقة شرعية سلسة، مع حفظ حقوق جماعته ومكانتهم وكرامتهم، وابعاد شبح ما قبل 1970 عنهم، والأهم من ذلك ابقاء سوريا مجتمعا أقرب للعلمانية، كما هي عليه الآن، لتجنب انزلاق الوضع الى صراعات طائفية قد تحرق المنطقة برمتها، فهل ينجح الرئيس السوري في ذلك؟