مشاري العفالق

في الجمعة الماضي ارتكبت إيران جرائم جديدة بحق الأحواز ، ومارست القتل والقمع من خلال الحرس الثوري والباسيج والأمن و(الخنافس: لبنانيون وعراقيون مأجورون تطلق عليهم إيران هذا الاسم)، واعتقلت المئات، في حلقة من مسلسل الظلم والاضطهاد لشعب مسلم أعزل لا يحصل على أي حقوق ولا يعامل إنسانياً ولا يمنح جزءا من حقوق اليهودي في أصفهان.

الجمهورية الفارسية (الإسلامية) لا تتوانى عن قمع الأحواز المسلمين وإذلالهم وإهانتهم وقتلهم وتسميمهم في معاناة كبرى تجرعها عشرة ملايين مسلم أباً عن جد من قبل ثلة من الفرس الحاقدين على العرب والطامعين في بلدانهم، وسط صمت عالمي مثير للاستغراب.

أتوقف لأتساءل كيف لجمهورية تعتمد الإسلام منهجية تقبل بأن تسحق جماعة من المسلمين نصفهم من الطائفة الشيعية، فقط لأن أصولهم عربية، ألم يكن الأولى أن ترفع مكانتهم لقربهم أصلاً وصهراً من رسول هذه الأمة العربي محمد صلى الله عليه وسلم؟أتوقف لأتساءل كيف لجمهورية تعتمد الإسلام منهجية تقبل بأن تسحق جماعة من المسلمين نصفهم من الطائفة الشيعية، فقط لأن أصولهم عربية، ألم يكن الأولى أن ترفع مكانتهم لقربهم أصلاً وصهراً من رسول هذه الأمة العربي محمد صلى الله عليه وسلم؟.
لكن إيران التي تعيش أزمة سياسية وأخلاقية، غارقة في التناقض؛ تمارس حرق العرب في أرضها ثم ترسل خطاباً إلى الأمم المتحدة تطلب فيه حماية نشطاء المعارضة في البحرين، الذين يتمتعون على الأقل بالحق في ممارسة عباداتهم، والتعليم والصحة، ويشغل أغلبهم وظائف، ويعاملون معاملة كريمة.
وإيران التي تصبحنا وتمسينا بالعداء لإسرائيل والمؤامرة الأمريكية، تمنح اليهود في فارس حقوقاً لا يحلم بها العربي المسكين في الأحواز.
وحينما استغلت الدولة الفارسية ضعف الإقليم العربي وقلة حيلته عام 1925م - في عهد رضا شاه بهلوي- مارست عليه أبشع صور الاحتلال وسط صمت غربي مريع، ووافق المؤرخون الأمريكيون على تسمية الخليح الفارسي بدلاً من العربي في خرائطهم - عكس ما كان في أوروبا - بينما يعيش العرب على جانبي الخليج (الأحواز شرقه ودول الخليج العربية غربه).
وبالرغم من التهويشات السياسية هنا وهناك لم يجد المضطهدون في جمعة الغضب الأخيرة نصرة في الغرب، ودُفع الشعب الأعزل المرهون تحت الاحتلال ليواجه مصيره وحده، ومنذ احتلال الأحواز فرض على العرب الحكم العسكري وإسقاط الحقوق السياسية، وقمع التجمعات، واقتطاع أجزاء من الإقليم وضمها للمحافظات الفارسية، وطمس الهوية العربية للأحواز واستبدال أسمائها بأسماء فارسية، وتهجير عرب الأحواز الى مدن فارسية ثم إحلال أسر فارسية محلها، مع مصادرة أراضيهم وأملاكهم.
ومنعت الحكومة الفارسية شعب الأحواز من حقهم في التعليم والرعاية الصحية والتقاضي، ومع أن إقليم الأحواز أغنى الأقاليم بالنفط والغاز سيطر الفرس على وظائفه وحرم على العرب منها ومن تسجيل ملكية أراضيهم الزراعية، ولا يزال العرب في الأحواز يعانون حصارا اقتصاديا منظما بدءًا من تحويل نهر الكرخة وجداوله لنهر الدز، وتحويل مياه كارون للمحافظات الفارسية قبل دخوله لأراضي الأحواز لتدمير زراعة العرب، وإجبارهم على النزوح لإحلال الأسر الفارسية فيها والسيطرة على تلك المنطقة الخصبة، بالإضافة إلى مقاطعة الفرس للتجار والباعة العرب، وتقوم السلطات الإيرانية بمصادرة الكتب العربية في الأحواز.
وبينما تتولى الاستخبارات الإيرانية التنكيل ونشر الفتن والدسائس بين العشائر العربية لزجها في معارك عشائرية طاحنة، تعتبر الدولة الفارسية قوات درع الجزيرة هي المحتلة في البحرين برغم دخولها وفق معاهدة إقليمية لتأمين المراكز الحساسة في البحرين وعدم اشتراكها في أي معركة.
(ولعل أدق وصف لإيران لرئيس التيار الشيعي الحر في لبنان الشيخ محمد الحاج الحسن بأن laquo;إيران تطمح لبناء إمبراطوريتها الفارسية على حساب تفتيت المنطقة العربية، لذلك تعمل على تقسيم الشعب العربي، ولا تتورع عن إثارة النعرات والفتن في المنطقةraquo; وأشار إلى أن الفتنة في البحرين جاءت بتدخل خارجي إيراني؛ والأولى على إيران منح الحرية لشعبها بدلا من قمعه أو قتله، و يعتبر ولاية الفقيه مؤامرة كبيرة تتيح لإيران الاختراق، مضيفا: علينا أن نتصدى للمؤامرة التي تأتينا تحت عنوان ولاية الفقيه ولا سلطة لفقيه إيران خارجها).
باختصار فإن ما فعله الفرس في الأحواز يكشف كذب ادعاءات إيران المتعاطفة مع معارضة البحرين، وجانباً من المخطط الإيراني الحاقد والطامع في المنطقة، أما التصدي له فمسئوليتنا جميعاً.