سمر المقرن
مع كل المحاولات الإيرانية لطمس الهوية العربية في منطقة (الأحواز) التي احتلها الفرس منذ أكثر من ثمانين عاماً، إلا أن المتابع لأنشطة إخواننا العرب سكان هذه المنطقة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي سيجد الهوية العربية تجري في دمائهم، ورغم أن بعضه سني وآخر شيعي إلا أن إيران مصرة على معاملتهم كدرجة ثانية دون استثناء. وقد رفضوا الهوية الفارسية التي فُرضت على حياتهم، وتمكنوا من الاحتفاظ بعروبتهم والعيش لاستعادة هذه المنطقة التي يصل سكانها لأكثر من 12 مليون كلهم من العرب الأصليين.
هذه المنطقة الممتدة على الساحل الشرقي للخليج العربي، هي منطقة غنية بالنفط والغاز والمنتجات الزراعية، إلا أن أهلها وسكانها العرب المسلمين من الطائفتين السنية والشيعية يعيشون داخل قفص حفلات يومية من التعذيب والتنكيل وجرائم الإعدام العشوائية الجماعية من قِبل جنود الفرس.
ولعل ما نشره موقع قناة العربية، عن شاعر إيراني يدعى مصطفى بادكوبه، وقصيدته المعنونة بraquo;إله العربraquo;، قالها احتجاجا على شخص صرّح عبر برنامج تلفزيوني أن اللغة العربية هي لغة أهل الجنة في اعتراض واضح على ما يقر به كل مسلم من أن لغة أهل الجنة هي العربية كما جاء في الآثار الشريفة.
إن هذا العداء الفارسي لكل ما هو عربي، يجعل المتمعن في الأحداث الأخيرة، يكشف أهدافها، ورؤوس فتنتها لم تعد خافية، فها هو رجل إيران في المنطقة حسن نصر الله، يحاول بشعاراته الرنانة الكاذبة أن يوهم أبناء الطائفة الشيعية ببطولته المزيفة، وبذلك يصعد بالوتر الطائفي للتفرقة والتي هي لصالح إيران.
المشكلة، أن شعاراته التي انقاد لها البعض واعتقد أن خلاصه الوحيد هو إيران، وهذا لا يخص الشيعة فقط، بل إن هناك من السنة laquo;هواهمraquo; إيراني، ويصفقون ويهللون لكل ما هو إيراني، بسذاجة مفرطة مصدرها انسياق بديهي خلف الشعارات، واعتقاد ببطولة نصر الله وحزبه في معاداة إسرائيل.
والحمد لله على نعمة تكنولوجيا الاتصال، التي وفرت تسجيلا بالصوت والصورة على موقع اليوتيوب لحسن نصر الله وهو في لقاء مع صحفي أجنبي يقول له بلسانه: laquo;نحن حمينا إسرائيل في الجنوب اللبناني! هناك أيضا من يحاول أن يحوّر القضية الإيرانية الفارسية إلى قضية خاصة بالمذهب الشيعي، لذا وضحت أن الهوى الإيراني ليس خاصا بطائفة، بل هو تدبير مكشوف تعزف أوتاره إيران، ويقوده المايسترو نصر الله، بمساعدة قناة العالم وقناة المنار، التي أتمنى منهما أن تحاولا احترام المشاهد العربي ولو مرة ببث أخبار وتقارير عن الداخل الإيراني، ومشاهد العذاب والقتل والمجازر التي ترتكب يوميا بحق سنتها وشيعتها، ومعارضي التشدد الفارسي في العراق.
إن الإصرار الإيراني على التدخل السافر وتهديدها المتواصل لمملكة البحرين، في أكثر من مرة، والتصريحات الإيرانية المشبوهة والأحداث الأخيرة التي استغلت المطالب الشعبية وأدخلتها في قوالب سياسية ليست ضمن حسابات المواطن البحريني الذي يبحث عن حقوقه بالطرق المشروعة، وحضور العناصر القيادية وإقحام نفسها بمطالب المواطنين، وما رفض الحوار الذي دعا له ولي العهد البحريني إلا دليل على أن عمل تلك القيادات مدعوم بالمصالح الشخصية المرتبطة بالمصالح الفارسية.
لم تعد الأمور تحتمل تأويلات أخرى، إذ بانت الحقائق واتضحت، بقي هنا الأهم، ألا وهو المواطن العربي، سواء كان في البحرين أو السعودية أو في أي منطقة تدخل ضمن الاهتمام الفارسي، بقي لهذا المواطن أن يدرك حجم المؤامرة المحاكة بالنسيج الأمريكي، ويحاول فقط أن يسأل نفسه: لماذا أمريكا بكيانها السياسي والحقوقي ومنظماتها التي تكتب التقارير عن الدول العربية، بل والأمم المتحدة نفسها، كلهم لم نسمع منهم كلمة عن (الأحواز) ولا الجرائم التي تحدث في إيران ألم نفهم بعد، أن دول المنطقة هي التمدد الذي تم التخطيط الأمريكي- الإيراني له؟ في النهاية هي التقاء مصالح، لن تتم بشعوب عربية واعية.
التعليقات