ازاء الهجمة الإيرانية الكبرى على العالم العربي وتمدد الدور و التأثير الإيراني السلبي في العمق العربي بدءا من الخليج العربي مرورا بالعراق و الشام ولبنان ووصولا لتخوم الصحراء المغربية فإن رد الفعل الستراتيجي للعالم العربي يبدو محدودا وقاصرا و غير قادر بالمرة على وقف زخم ذلك المشروع رغم إمتلاك العرب لنواصي القوة و للعديد من نقاط التفوق وأوراق اللعب التي يمكن بواسطتها رد كيد الكائدين و إفشال الهجمة الإيرانية الشرسة التي تتم بالقفازات الناعمة و من خلال أسلوب ( يريك من طرف اللسان حلاوة ويزوغ منك كما يزوغ الثعلب )!
وهي سياسة إيرانية معروفة وسنة متبعة لديهم، ولا نبالغ في القول بأن التردد العربي الذي يصل لحد الخشية والخوف كان هو أحد أسباب النجاح الإيراني في اللعب بأوراق عربية مشرقية مهمة كالورقة العراقية قبل و بعد إحتلال العراق عام 2003 والذي كان محورا مفصليا في تقدم الإندفاعة الإيرانية نحو آفاق لم يكن ليحلم بها واضعو المشروع الستراتيجي السياسي الإيراني، فإنهيار نظام صدام حسين على يد القوات الأمريكية وتحطيم الجيش العراقي و إنهاء الدولة العراقية بكل هيكليتها الأمنية والعسكرية و تكسيح العراق كان هدية لا تقدر بثمن للنظام الإيراني، فقد حقق الأمريكان بضربتهم ( الصخرة و الثعبان ) مافشل الإيرانيون في تحقيقه خلال سنوات الحرب مع العراق وهو إجتياح العراق و إقامة النظام السياسي الديني الطائفي المشابه من حيث المضمون العام لنظام ولاية الفقيه الإيراني وبشكل يكون العراق فيه تابعا لإيران ويدور في مجرتها بعد أن تنتهي قوته العربية و الإقليمية و يصبح كيان هش وعاجز و كسيح معتمدا على الدعم الخارجي ليضرب الإيرانيون ضربتهم الكبرى في الإستيلاء على الحوض المائي شمال الخليج العربي و الهيمنة الكاملة على شط العرب و إنهاء المشكلة الحدودية المزمنة لصالحهم إضافة لتحويل حوض شط العرب لمنطقة تجارية إيرانية حرة كبرى بعد تهميش الموانيء العراقية ( الفاو و ام قصر ) وخنق العراق في إطلالته الخليجية و تحويل الموانيء الإيرانية كمورد رئيسي لتجارة العراق، وهو مشروع إيراني طموح حققته الأقدار و الرعونة الأميركية، دون أن ننسى أو نتجاهل حقيقة أن تقدم المشروع النووي الإيراني بشكل سريع و مفاجيء قد إرتبط أساسا بإنهيار المشروع النووي العراقي و قيام الأحزاب والجماعات العراقية العميلة لإيران بسرقة الآلاف من آلات التخصيب النووي وغيرها من المعدات و شحنها لإيران فضلا عن قيام النظام الإيراني بإختطاف العديد من العلماء العراقيين ونقلهم لطهران إضافة لقتل البعض الآخر بالتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي أيضا!
وهذه الأمور لم تعد سرا بل أضحت من الحقائق المعروفة للجميع، نقول أن العرب أو النظام العربي العام قد وفر كل الظروف البيئية المناسبة لصعود المشروع الإيراني، كما أنه أهمل اهم ورقة قوية يمتلكها الجانب العربي و تتميز بالمصداقية و العدالة وهي ورقة حرية و إستقلال و إنتماء و كفاح الشعب العربي في إقليم الأحواز العربي المحتل منذ عام 1925 وهو الملف الرهيب الذي يجهل الرأي العام العربي للأسف حقيقته و فحواه خصوصا بعد أن تواطأت للأسف الجماعات القومية العربية و تماشت مع المشروع الإيراني و خانت الأمانة القومية العربية و تنكرت لأرواح الشهداء و المناضلين و المضحين من الشباب العربي الأحوازي الحر الناهض الذي يقدم رقابه الطاهرة اليوم ثمنا للدفاع عن عروبة وحرية الأحواز، فالنظام البعثي القومي السوري مثلا لم يخجل قادته من الوقوف لجانب النظام العنصري الإيراني المحتل علنا و التآمر ضد الحركة الوطنية و القومية الأحوازية و تسليم قادتها في مبادرات مخجلة و مجللة بالعار لمقاصل القمع الإيرانية كما فعلت مخابرات النظام السوري ذلك مرات ومرات !، أما الأحزاب القومية و الشخصيات القومية المنضوية تحت لواء الدكان المسمى ( المؤتمر القومي العربي ) فهم مجرد أتباع ورجع صدى لجماعة حزب الله اللبناني و عصاباته الطائفية و المتلمسين لمساعداته و أعطياته و دعواته، ونتحدى أهل المؤتمر القومي العربي من إصدار بيان علني واحد يدين القمع الإيراني الإرهابي لعرب الأحواز و ينتصر لعروبة ذلك الإقليم وحق شعبه في تقرير المصير..؟
نتحداهم علانية وجهارا، ولكنهم سيطنشون عن ذلك التحدي لأنهم يعلمون جيدا بحجم فضيحتهم التي يحاولون تبريرها بعبارات طنانة رنانة هي الفضيحة بعينها !، أما أهل ما يسمى بالبرلمان العربي الإنتقالي فهم في واد و كفاح وجهاد و معاناة الشعب العربي الأحوازي في واد آخر و مختلف، ففي النهاية فإن أهل الفنادق الفاخرة لا يمكن أن يتعايشوا مع أهل الخنادق الثائرة..!
لقد آن الأوان للنظام السياسي العربي أن يعي حقيقة مهمة ولا مناص منها إن كانوا يرغبون فعلا في وقف الإندفاع العدواني الإيراني و منع الحرس الثوري من طرق بوابات العرب في أكثر من موقع، تلك الحقيقة تتمثل في الإنفتاح التام وغير المشروط على أهلنا العرب في الأحواز العربية المحتلة وعلى التعامل مع حركات المقاومة العربية الأحوازية التي تعيش أوضاعا ميدانية وحركية ومادية صعبة للغاية في الوقت الذي يرتع فيه أهل المشروع الإيراني من العرب العاربة و المستعربة بأموال الدعم الإيرانية ( الحلال المباركة )!
ليس معقولا بالمرة أن ينكفأ العرب عن دعم و مساندة أشقائهم في الدم و التاريخ و النسب و الدين وهم يستصرخون الضمير العربي منذ أكثر من ستة وثمانين عاما هي أعوام الإحتلال الإيراني السوداء فلا يجدون صدى و لا ردا ولا إستجابة لنداء النصرة..! ليس معقولا و لا مقبولا أن يصم الإعلام العربي عيونه و آذانه عن الجرائم و الإنتهاكات و المشانق التي ينصبها نظام الإحتلال الإيراني للشباب العربي الحر في الأحواز وأن تتم التعمية و التعتيم الكامل على ذلك الملف الحساس و المؤلم بكل جوانبه الإنسانية و السياسية، ولكن في المقابل تقع على عاتق حركات المقاومة الأحوازية مسؤولية تاريخية كبرى ومهمة مقدسة لا تحتمل التأجيل تتمثل في ضرورة نبذ الخلافات الجانبية و الشخصية و التنظيمية و التقدم بثبات نحو بناء مشروع وطني وقومي أحوازي متكامل يتمثل في وحدة جميع قوى وفصائل المقاومة عبر تنظيم يكون شبيها بمنظمة التحرير الفلسطينية يضم جميع الفصائل وعبر قيادة وطنية وقومية موحدة يمكنها مخاطبة العالم طلبا للإعتراف السياسي و بإعتبار ذلك التنظيم الممثل الشرعي للشعب العربي الأحوازي الذي يعيش ظروف صعبة من المعاناة و الفقر و التجهيل و الإلغاء، تلك القضية ليست ترفا بل أنها مسؤولية وطنية وقومية و أخلاقية كبرى، فمن يريد تحقيق الهدف الصعب لابد له في النهاية من إتخاذ قرارات صعبة ومصيرية سيما وأن الوقت يمضي مسرعا وهنالك العديد من الطاقات الوطنية الأحوازية الشابة في إستطاعتها تحقيق تلك المهمة لكي يبزغ فجر التحرير الأحوازي وفق أسس منهجية منظمة و مدروسة بدلا من حالة الهرجلة السائدة و العداوات التي يستفيد من نتائجها المحتل الغاشم، ليقدم الأحوازيون الأحرار البرهان و الدليل العملي على وحدتهم الوطنية و على تمثيلهم لمعاناة شعبهم و بعدها ستتغير الأوضاع بكل تأكيد، فالظلم مرتعه وخيم و الإحتلال الإيراني سائر إلى زوال رغم كل الدعايات المذهبية المضادة التي لا تصمد أبدا أمام شموخ وحرية الأحواز العربي الحر..
توحدوا يا أبناء العم في الأحواز لكي يقف معكم أشقاؤكم العرب و كل الأحرار في العالم ففي وحدتكم وحدها سينهار الإحتلال و ستكنسون عناصر الحرس الثوري المتهالك.. إنها و الله المسؤولية التاريخية الكبرى.. فما تراكم فاعلون... حي على العمل من أجل الوحدة و التحرير وقيام الأحواز العربية الحرة التي سيكون في إتبثاقها النكبة الحقيقية لبرامكة العصر... ولدهاقنة الدجل... وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون.
التعليقات