بيروت - quot;السياسةquot;:


كشف مصدر سياسي مطلع لـquot;السياسةquot; وقائع اجتماع قيادي سوري رفيع المستوى تحدث فيه عدد من كبار المسؤولين الذين عرضوا رؤيتهم لما يجري من أحداث في المنطقة العربية, وصولاً إلى ما يجري في بلادهم التي تواجه برأيهم quot;مؤامرة أميركية إسرائيلية تشارك فيها قطرquot;, وهدفها إسقاط بعض الأنظمة العربية وتسليم مقاليد السلطة إلى quot;الإخوان المسلمينquot;.
ونقل المصدر عن بعض هؤلاء قولهم: quot;إن قطر جزء من مشروع أميركي إسرائيلي يهدف إلى تفتيت المنطقة العربية دولة دولة, وهو مشروع يساوي في حجمه وخطورته اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت العالم العربيquot;.
وأضاف هؤلاء: quot;لقد دبرت مؤامرة سايكس بيكو الغربية سراً ولم يعرف بها العرب إلا بالصدفة التاريخية عندما سقط الحكم القيصري في روسيا وكشفت كل ملفات وزارة الخارجية الروسية, وسيأتي يوم ينكشف فيه المخطط الجاري تنفيذه حاليا بكل تفاصيلهquot;, معتبرين أن quot;إسقاط صدام حسين لم يكن سوى مقدمة لخلق حالة من الفوضى الشاملة في المنطقة العربية, وقد تحقق أول هدف في المخطط الأميركي الإسرائيلي بإسقاط الدولة المركزية الأقوى عسكرياً بين الدول العربية, أي العراق, لتحل محلها دويلات شيعية وسنية وكردية غير معلنة. وكان الدور القطري جلياً من خلال استضافة أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة في وقت رفضت كل من السعودية وتركيا استقبال القوات الأميركية لمهاجمة العراق. ثم جاء دور لبنان حيث أخرجت سورية بحجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لترك حزب الله وحده في الساحة على أمل سحقه ولكن صموده في حرب 2006 عرقل المخطط, وقد جاء القطريون بعد تلك الحرب لتبييض وجههم وتقديم أنفسهم كحاضن للمقاومة وعملوا جهدهم لإدخال حزب الله إلى الحكومة, ما جعل الوضع اللبناني يتجمد عند نقطة الأزمة, ويتعطل الحكم فيه, بشكل يزداد فيه التوتر السني الشيعي في لبنان بشكل مطرد, يساهم في ذلك اتهام حزب الله لاحقاً باغتيال الحريريquot;.
ووفقا للمسؤولين السوريين فإن quot;الجزء الأخطر من المخطط بدأ تنفيذه في الأشهر الستة الأخيرة. إذ تبين أن الأميركيين عندما أدركوا أن الحرب على الإرهاب (أي على تنظيم القاعدة) لن تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى تقوية الجماعات الأصولية المتطرفة, بشكل يهدد مصالحهم الستراتيجية واستقرار الأنظمة العربية الموالية لهم, عقدوا صفقة مع تنظيم الإخوان المسلمين الدولي, بوساطة قطرية, للاستيلاء على الحكم في عدد من الدول العربية خارج الخليج. ولعبت قناة quot;الجزيرةquot; دور غرفة العمليات, وهي المعروفة بميولها للإخوان المسلمين منذ نشأتهاquot;.
هذه الصفقة - والكلام دائماً للمسؤولين السوريين - توجب على الأميركيين منع الجيوش العربية من التدخل ضد الانتفاضات التي تجري, وهذا ما حدث في تونس ومصر, لأن الجيشين هناك خاضعان للأميركيين بسبب التمويل والتدريب والتسليح, وقد تم ذلك, على أن تتولى حركة الإخوان المسلمين التحضير لاستلام السلطة, فعاد راشد الغنوشي إلى تونس, وساهمت الحركة في إسقاط حسني مبارك في مصر, وقد أمن لها الأميركيون من خلال المجلس العسكري المصري إمكانية كبيرة للفوز في الانتخابات المقبلة, من خلال تحديد موعد سريع لإجرائها, لأنها القوة الوحيدة المنظمة في مصر في حين أن القوى الأخرى لا تزال ضعيفةquot;.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإخوان المسلمين في سورية يتمتعون منذ عقود باستقلالية ما عن سائر الفروع, وهم يأخذون على الأميركيين منذ الثمانينات موقفهم الداعم لحافظ الأسد عندما سحقهم في مدينة حماة مقابل عدم التدخل في لبنان أثناء الحرب الإسرائيلية الشاملة على منظمة التحرير الفلسطينية والتي انتهت بترحيلها من لبنان.
ولم يتمكن القطريون من إقناع الإخوان المسلمين السوريين من الانخراط في المخطط, فكان نشاطهم في البداية مع جماعة عبد الحليم خدام (وهم قلة) وريبال الأسد (علويو اللاذقية) محدوداً يطالب بإصلاحات ولا يتبنى المعركة لإسقاط النظام.
والواقع أن معركة سورية تكتسب أهمية ستراتيجية, وتشكل المحور الأهم في المخطط الأميركي, إذ أن سقوط نظام الأسد يعني اشتعال حرب أهلية مدمرة في هذا البلد المتعدد طائفياً, وستعني أيضاً حرباً أهلية في لبنان ستنهي quot;حزب اللهquot; نهائياً كقوة إقليمية مقاتلة لإسرائيل, سواء عبر سحقه إسرائيلياً, أو عبر إغراقه في حرب داخلية ستطول, كما غرقت قبله منظمة التحرير الفلسطينية. وسيعني أيضاً انقلاب حركة quot;حماسquot; على سورية وإيران, وهي في الأصل امتداد فلسطيني لحركة الإخوان المسلمين.
ومن هنا فإن الرهانات على الوضع السوري كبيرة للغاية, وهناك اعتقاد أن سورية بعد هذه الثورة لن تكون كما كانت قبلها في العلاقة مع إيران, وسائر القوى في المنطقة (حزب الله وحماس), فإذا صمد نظام الأسد واستطاع سحق هذه الثورة فإن حساباته بعد ذلك ستتبدل, وإذا نجحت القوى المضادة له في الصمود فالمرجح هو أن تطول الحرب الأهلية هناك, أما إذا سقط فسيتولى الإخوان المسلمون الحكم, وفي الحالات الثلاث فإن المعطى الستراتيجي في المشرق العربي سيتبدل.