عبدالمحسن حمادة


إيران جارة عزيزة للعرب وجزء مهم من المنظومة الإسلامية، وأي تقدم يتحقق لها سينعكس إيجاباً على المنظومة العربية والإسلامية. لذلك، فرح معظم المثقفين من أبناء الأمة لنجاح الثورة الإيرانية، خاصة بعد طرد السفير الإسرائيلي من إيران وتسليم مقر السفارة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وما أبداه قادة الثورة من تعاطف مع قضايا الشعب الفلسطيني ونظرتهم إلى إسرائيل على أساس انها كيان مغتصب وغدة سرطانية يجب استئصالها وتشجيعهم على تدريس اللغة العربية في مدارسهم. فعد المثقفون هذه المواقف الجديدة مكسباً للقضية الفلسطينية سيؤثر إيجاباً في مستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي.
لكن، هناك فئة من المثقفين رأت ان ما يرفعه قادة إيران من شعارات ضد أميركا والصهيونية مجرد خداع لإخفاء كثير من النوايا الشريرة للمنطقة. ويستدلون على ذلك من خلال القراءة المتأنية لتاريخ إيران، حيث يتضح منه انه على الرغم من أن معظم الشعب الإيراني بعد الفتح الإسلامي اعتنق الإسلام عن قناعة واندمج في الحياة الثقافية وساهم في ازدهار الحضارتين العربية والإسلامية، لكن هناك فئة قليلة - من الإيرانيين - اعتبرت الفتح الإسلامي إهانة للقومية الفارسية وصممت على الانتقام من العرب، وعرفت هذه الفئة بالشعوبية أو الباطنية. ومن أولى خطوات انتقامها، قتل الخليفة عمر (ر) واستغلالها القلاقل في أواخر عهد عثمان والخلاف بين الإمام علي ومعاوية (ر) فساهمت في تحريك الفتن وتأجيجها، واستغل أبوجعفر المنصور حقدها على العرب لتتعاون معه في إسقاط الأمويين، لكنه سرعان ما تخلص منها لما أدرك خطورة حقدها على العرب. ولم يتمكن صلاح الدين من محاربة الصليبيين إلا بعد القضاء على الدولة الفاطمية، كما تعاونت مع التتار في تدمير الخلافة العباسية واحتلال العالم الإسلامي.
ويؤكد أصحاب هذا الرأي ان القيادة الإيرانية الحالية من غلاة الشعوبيين الحاقدة على العرب وتسيطر عليها فكرة إحياء أمجاد الإمبراطورية الفارسية، وهي مدركة انها لا تستطيع تحقيق هذا المشروع القومي إلا من خلال مد نفوذها على العالم العربي وإخضاعه تحت السيطرة الإيرانية. لذلك ركّزت على إعداد الجيش القوي وبالغت في الإنفاق على السلاح وامتلاك السلاح النووي والأسلحة الاستراتيجية ونشر العملاء والجواسيس في المنطقة العربية وتأسيس القواعد. فــ laquo;حزب اللهraquo; وسلاحه الإيراني قاعدة إيرانية بامتياز، وإعلامه إعلام إيراني أنفقت عليه إيران المليارات، ليكون ذراع إيران وبوقها. وخير دليل على ذلك زيارة نجاد للبنان، حيث شعر وكأنه في ولاية إيرانية، وشاهد جمهوراً يدين بالولاء لإيران وولي الفقيه! لذلك، تحمس في خطابه وأعلن أنه سيشكل في لبنان جبهة مقاومة الشعوب من لبنان وفلسطين وسوريا والعراق وإيران. كما تشابه الخطاب الإيراني وlaquo;حزب اللهraquo; في الحملة المسعورة على دول مجلس التعاون، لتمكنها من إفشال مخطط إيران وlaquo;حزب اللهraquo; لتحويل البحرين إلى قاعدة إيرانية في منطقة الخليج العربي مشابهة لنموذج laquo;حزب اللهraquo; اللبناني، ومن ثم تتمكن من خلال تلك القاعدة ان تسيطر على دول الخليج الغنية بالنفط، لكن يقظة السعودية وقرارها الشجاع أنقذا المنطقة، كي لا تتحول شعوبها إلى عبيد للفرس، كما تعامل إيران الشعب العربي في الأهواز!