محمد عبد الجبار الشبوط


lrm;ليس مقتل اسامة بن لادن(1957-2011) بداية الهزيمة بالنسبة الى القاعدة، بل هو تتويج لهذه الهزيمة، ونصر لكل القوى المتحضرة المناهضة للارهاب. فبعد حوالي 10 سنوات من عملية نيويورك التي راح ضحيتها اكثر من ثلاثة آلاف مدني، وبعد حوالي7 سنوات من دخول القاعدة الى العراق، يأتي مقتل بن لادن ليؤكد ان مشروعه الدموي الارهابي فشل في تحقيق أهدافه المعلنة.

lrm;منذ انطلاقة مشروع بن لادن، القائم على تفسير متطرف للدين وعلى فهم عنيف لمبدأ الجهاد، كان يسعى الى كسب مسلمي العالم الاسلامي الى جانب معركته سواء في الولايات المتحدة أو في بقية ارجاء العالم الاسلامي بحجة طرد الغزاة وعملائهم. لكن بمرور الايام، كان بن لادن يؤكد بالممارسة وبالخطاب ان مشروعه الجهادي ليس سوى ترخيص بالقتل واسالة لدماء الناس الابرياء، من مسلمين وغير مسلمين. كما أنه فشل في اقناع عامة المسلمين بأن المعركة التي تخوضها الولايات المتحدة ضد الارهاب هي حرب صليبية ضد الاسلام. بل اتضح العكس، وهو ان بن لادن يخوض حربا صليبية، ليس ضد laquo;الكفارraquo; كما كان يزعم، وانما ضد المسلمين المدنيين العزل الذين يخالفونه الرأي. والا فكيف نفسّر هذا العدد الكبير من المسلمين من ضحايا عمليات بن لادن؟

الاسلام يمكن ان يكون مشروعا للنهضة، او طريقا للتقدم في العالم الاسلامي، اذا نجح المسلمون في انتاج فهم حضاري نهضوي له، لكن مشروع بن لادن كان احد معوقات تقديم مثل هذه الفهم المتقدم، بل كان من اسباب تشويه صورة الاسلام في العالم، وحرف مسارات تأثيره على الناس، خصوصاً الشباب منهم، من الذين خدعهم بن لادن ودفعهم الى الانخراط في مشروع القاعدة الارهابي، وحولهم الى كائنات مفخخة تنشر الموت في كل مكان تحل فيه. وليس سجل القاعدة اليوم سوى تاريخ حافل يشهد على سوء استخدام الدين، واساءة استثمار طاقاته الروحية في تحريك الناس. فبدلا من توظيف هذه الامكانية في مشروع النهضة، عمل بن لادن على توظيفها في مشروع القتل الحرام. lrm;لكن هذا المشروع لم يحقق نتائج كثيرة يمكن ان يشار اليها بالبنان، ما خلا العمليات الدموية التي نفذها على امتداد السنوات الاخيرة من نشاط تنظيمه الارهابي. فقد بقيت القاعدة تنظيما صغيرا، وبقي انصار بن لادن اقلية في العالم الاسلامي، لا ينظر اليها عامة المسلمين بعين الرضا، بل يحملونها الكثير من المآسي التي حلت بهم، بما في ذلك حرف اتجاه حركة المجتمعات الاسلامية النامية، من مشروع النهضة والتقدم، الى مشروع الارهاب او مقاومة الارهاب، وعلى كلا الاتجاهين، فليس ذلك سوى هدر للطاقات والثروات والانفس، في مشروع لا يسمن ولا يغني من جوع.lrm;يمثل ظهور بن لادن وتنظيمه الارهابي المتطرف درسا حول امكانية تحريف الدين عن مقاصده السلمية والانسانية الخيرة. وانطلاقا من هذا الدرس، يفترض بالمعنيين، وأخص بالذكر المرجعيات الدينية في العالم الاسلامي، على مختلف مذاهبها، القيام بكل ما يتطلبه الأمر من اجل اشاعة الفهم الحضاري الانساني للاسلام، وتضييق الفرص على ظهور اية تفسيرات متطرفة ارهابية له، على غرار فهم بن لادن، او فهم الحركات التكفيرية التي ظهرت في العالم الاسلامي في النصف الثاني من القرن العشرين الماضي.lrm;سيكون العالم اكثر أمناً بعد مقتل بن لادن، لكنه لن يكون آمنا مئة في المئة، لأن قابيل ما زال يعيش فينا وبيننا.