ظافر محمد العجمي

أشار البيان المقتضب للقمة التشاورية الـ13 لقادة دول مجلس التعاون في 10-5-2011م إلى أن دول المجلس رحبت بطلب انضمام الأردن والمغرب. بل فوض القادة المجلس الوزاري لاستكمال الإجراءات في هذا الشأن. وقد اختتم أمين عام مجلس التعاون د.عبداللطيف الزياني بيانه بأن هذه الخطوة تأتي متمشية مع النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي وميثاق جامعة الدول العربية اللذين يدعوان إلى تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى بين الدول العربية. فهل أجاب هذا البيان في ترحيبه بطلب انضمام الأردن والمغرب للمجلس على السؤال عن خطة قادتنا في التعامل مع ملفات الخطر الإيراني والثورة في اليمن؟
لا أنكر أن الحيرة ما زالت تسير بي في متاهات عدة دون أن أصل إلى رأي في هذه الخطوة الخليجية الكبرى، لكن متابعة ردة الفعل الخليجية المبكرة ساعدت في تكوين القراءة التالية:
1. لم يكن باب الانضمام للمجلس مغلقا كما يتصور البعض قياسا إلى رفض انضمام اليمن المتكرر حيث لم يكن طلب الأردن الحالي وليد الصدفة فلقد سبق أن طلب الملك حسين ذلك عام 1988م، وأيده الشيخ زايد آل نهيان. بل إن الشيخ زايد نفسه -رحمه الله- قد دعا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1989م للانضمام للمجلس حين قام مجلس التعاون العربي بين العراق ومصر والأردن واليمن. لكن غزو الكويت وموقف الأردن منه ووحدة اليمن قد غيرت ظروف انضمامهما.
2. يعتبر الأردن بشكل ما امتدادا للجزيرة العربية وغالبية مجتمعه من المسلمين السنة، وهو مجتمع مرتبط بالعشيرة كالمجتمع الخليجي، لكن انضمام الأردن ناهيك عن المغرب ليس متوافقا مع المزاج المعتاد للمواطن الخليجي لغياب الجوار الجغرافي والثقافة البحرية الصحراوية.
3. لقد تعودنا أن تأتي أنماط الاستجابة من قادة دول مجلس التعاون متأنية يثقلها التمحيص والدراسة، فيما ظهرت الدعوة الحالية لانضمام الأردن والمغرب وقبولها كحركة سريعة من المجلس ومؤشر على خطر إيراني وشيك أكبر مما يتصوره المواطن الخليجي. والخوف هنا هو أن يكون ما يجري سيناريو مكررا لمجلس التعاون العربي حيث ينهار التقارب عند استنفاد أغراضه بزوال الخطر.
4. من إيجابيات الخطوة أننا في زمن التحولات الكبرى، فقد يكون من المناسب أن يتوسع مجلس التعاون في أجندته، وبما أن الخليجيين هم أصحاب المبادرات الكبرى هذه الأيام فقد تكون هذه الخطوة هي البداية واللبنة الأولى للوحدة العربية كما جاء في النظام الأساسي للمجلس وميثاق جامعة الدول العربية.
5. تنضم الأردن والمغرب للمجلس كما يرى البعض لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى، لكن صعوبات كثيرة تحيط بهذه الخطوة نظرا للتعديلات الاقتصادية التي تقتضيها الخطوة مثل توحيد الضرائب والرسوم الجمركية. كما أن حركة البضائع ستكون من جهة واحدة، والبديل الأفضل كما يرى اقتصاديون هو في خلق الشراكة الاقتصادية تحت مظلة الشريك المفضل.
6. لا يمكن النظر للتاريخ بوصفه مرحلة انتهت، حيث ما زال الماضي الحزين يتعدى إطاره الزمني ويقتحم الحاضر متشبثا بالذاكرة الجماعية للكثير من الخليجيين تجاه الأردن والشارع المغربي وموقفهما السلبي من الغزو الصدامي للكويت، وهناك من يراهن على أن قادة المجلس لا يمكنهم مجاملة الآخرين على حساب مشاعر شعوبهم.
7. تقع دول مجلس التعاون تحت خط الفقر الأمني فيما تقع الأردن والمغرب قريبا من خط الفقر الاقتصادي، حيث سنكون عالة أمنية عليهم، وهم عالة اقتصادية علينا، حيث إن انضمام الأردن والمغرب يعني توفير فرص عمل لأعداد غفيرة من العمالة والإداريين من هناك، لكن توفر البديل الأمني الغربي يجعل خيارات القادة الخليجيين أكبر، ويعفيهم من عمليات إقناع مؤلمة للمواطن الخليجي.
8. يرى البعض أن الخطوة جاءت بإيحاءات أميركية لحفظ الأنظمة الملكية، وهي نثر لأموال الخليج فوق رؤوس المتظاهرين في عمان والرباط، كما أنها رسالة لطهران تظهر العمق الاستراتيجي لدول الخليج، وقدرتها على خلق اصطفافات وحشد دعم عربي كبير في وقت قصير، وهي ردة فعل وإجراء عجول أكثر منها استراتيجية واضحة المعالم.
بقي أن نعترف أن الأبعاد الثلاثة لدى علماء الرياضيات هي الطول والعرض والسماكة، أما نحن فلدينا الحيرة والريبة والخوف من المؤامرة. وكيلا نضع خطوة مجلس التعاون لضم الأردن والمغرب داخل القوالب الثلاثة الأخيرة، نتمنى من الأمانة العامة توضيح الخطوة الخليجية بقدر كبير من التفاصيل.