ثائر الناشف

حالة الطوارئ, ليست تلك القضية الشائكة التي تداعى من اجلها ملايين السوريين, كما يظن النظام السوري واهماً, فالمشكلة الحقيقية والعقبة الكأداء, تتمثل في المقام الأول بنظام البعث, لكونه نظاماً طارئاً منذ ما يزيد عن أربعة عقود.
ولا يهم كثيراً لدى عموم السوريين, إن رفعت حالة الطوارئ أم لم ترفع, فالأمر سيان, لكن الشيء الأهم, هو رفع نظام البعث عن السلطة, وتخليص الشعب من بلائه الذي أذل كرامته وخدش كبرياءه في الصميم.
وسواء استجاب النظام السوري لمطالب الشعب الثائر, أم لم يستجب, فإن عدم استجابته حتى الآن, يؤكد أنه يسير في الاتجاه الخاطئ, الذي سارت عليه كل الأنظمة المستبدة التي سبقته في الرحيل, وستحين ساعة رحيله, طال زمن بقائه في السلطة أم قصر.
نظام الأسد يحاول الالتفاف في كل مرة على جملة المطالب المحقة للشعب السوري, ظناً منه أنه يستطيع خداع الشعب هذه المرة, كما كان يفعل في كل المرات السالفة, وفاته أن حقن التخدير والتخويف فقدت مفعولها المؤثر على ضمير الشعب.
كل التنازلات التي قدمها النظام للشعب السوري لا تساوي شيئاً أمام شلالات دماء الأحرار التي أهرقت برصاص الغدر والخيانة, ولن تفيده في حرف مسار ثورة الكرامة عن خطها الوطني الذي ارتضاه الأحرار.
فالثورة اليوم, اتسع نطاقها ليشمل كل الأطياف التي يتكون منها المجتمع السوري, كما لم تقتصر على مدينة أو يوم بعينه, فكل المدن تهب بالتضامن والتعاطف مع المدن الأخرى, وهذا ما يقلق النظام ويزيد من حجم تخبطه, ويُفشل مخططاته في بذر الفتنة الطائفية والعرقية, ليبرر لنفسه البقاء في السلطة.
لم يبق أمام النظام سوى الفهم, أن الشعب ليس مغفلاً وساذجاً إلى الحد الذي يعتقده, وأن ثورته لن تهدأ قبل رحيله من السلطة التي سيطر عليها بشكل غير شرعي, فقوة الشعب على الأرض لا تقهرها أي قوة أخرى, والكلمة الأولى والأخيرة هي للشعب عندما يقرر ما يريد, ولن تقف أي قوة في طريقه.
والشعب اليوم يريد اسقاط النظام, نظام الطوارئ والأحكام العرفية التي أذلت الكرامة وأعادت سورية إلى ما قبل مرحلة تأسيس الدولة.