راجح الخوري

الصفعة الاولى التي وجهها بنيامين نتنياهو الى باراك أوباما تمثلت بالاعلان عن بناء 1500 وحدة سكنية في محيط القدس، وذلك عشية لقائهما في واشنطن حيث اعلن الرئيس الاميركي الخميس الماضي تأييده قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 مع تبادلات يتفق عليها الطرفان.
ولأن هذا التأييد فجر خلافا جديدا مع نتنياهو، سارع اوباما الأحد الى لحس كلامه بطريقة مهينة مثلت الصفعة الثانية، عندما اعطى تفسيرا لهذا التأييد يرضي الذين استمعوا اليه في منظمة quot;ايباكquot; الصهيونية، بالقول إنه يتبنى ترسيما مختلفا لحدود 1967 يأخذ في الاعتبار الحقائق الديموغرافية الجديدة على الارض!
كان واضحا ومفهوما ان اوباما ذهب الى quot;ايباكquot; ليلقي بيانا انتخابيا يساعده في تجديد ولايته، لا ليقدم تصورا لدفع التسوية المنهارة التي شهدت قبل اسبوعين دفنا فاضحا لمهمة مبعوثه الخاص الى الشرق الاوسط السناتور السابق جورج ميتشل، الذي خنقه نتنياهو بغبار الجرافات والاستيطان. وبدا واضحا ايضا ان مجرد ربط ترسيم حدود1967 بالحقائق الديموغرافية على الارض انما يعني نسفا عمليا لأسس التسوية، باعتبار ان هذه quot;الحقائقquot; هي محاولة لتشريع المستوطنات وضمها الى اسرائيل، بما يعني استطرادا تفخيخا للمفاوضات وخصوصا اذا تذكرنا حجم الاستيطان في القدس الشرقية التي يستحيل ان يقبل الفلسطينيون حلا من دونها.
وعندما يعلن اوباما التزامه quot;الحديديquot; بأمن اسرائيل وتفوّقها، فإنه كمن يعلن التزامه quot;الحديديquot; بإفشال عملية السلام، وخصوصا عندما يقول إنه يحق لاسرائيل ضمان العناصر الضرورية لهذا الامن، بما يعني انه لن يكون في وسع الفلسطينيين اكثر من الحصول على دولة منزوعة السلاح ترابط قوات اسرائيلية على حدودها الشرقية، وهو ما يجعلها مجرد معتقل كبير بإدارة اسرائيلية !
ثم كيف يمكن الحديث عن تسوية لا تأخذ في الاعتبار قضية اللاجئين وحق العودة؟ وهل تستطيع أي سلطة فلسطينية ان تنخرط في حل لا يعالج هذه المسألة الحساسة ؟
كان من المثير ان يعتبر اوباما ان ذهاب الفلسطينيين المقرر في ايلول الى الامم المتحدة، للتصويت على الدولة الفلسطينية، محاولة لعزل اسرائيل لن تؤدي اطلاقا الى قيام دولة فلسطينية، لان اميركا ستقف في وجه هذه المحاولة، ذلك ان نتنياهو نفسه لم يصل الى حدود هذا الرفض الاعمى والبغيض.
وكان مثيرا اكثر القول إن اتفاق quot;فتحquot; وquot;حماسquot; يمثل عقبة امام السلام، بعدما كان خلافهما قد اعتبر في واشنطن عقبة تعترض التسوية. وكل هذا يستدعي القول إن المستر اوباما لم يذهب ليصحح كلامه امام quot;ايباكquot; بل ليشتري ولاية ثانية بدماء السلام المقتول على يده!