يوسف الكويليت

المسرح الليبي مفتوحٌ على فصول جديدة، فخلف ما يجري من معارك واتهامات من قبل المجلس الانتقالي للجزائر بمساعدة القذافي بإرسال سيارات ومساعدات عسكرية، وتسهيل مرور مرتزقة نجد أن المنافسات ما بعد إسدال الستار على نهاية القذافي معاركُ بين عدة وجوه أطلسية وغير أطلسية، وفيما يشبه حرباً أخرى بلا أسلحة، ولكن باقتسام مغانم ما بعد الحروب..

فروسيا تفاوض القادمين الجدد للسلطة على دور لها في المساعدات والتسلح الذي يأتي أساسياً، ثم الاستثمارات في النفط ، والدخول في بلد يريد إعادة بناء هياكل البنية الأساسية المدمرة أو التي لم ينلها التجديد والإعمار..

الصين، كذلك، كانت لها استثمارات كبيرة وخشية أن تضيع منها الفرص السانحة، فقد بدأت مؤيدة للمجلس الانتقالي، طارحة مشاريع بكلفة أقل من الدول الأوروبية والأمريكية، وهي مغريات فتحت القارة الأفريقية لها لتميزها في بناء شبكات الطرق والمطارات، والسكك الحديدية مقابل استغلال الثروات الكامنة في أراضيها..

تركيا، أيضاً تدعي أنها الأقرب تاريخياً وروحياً، ولديها فائض من العمالة والشركات القادرة على سد الفراغ بقدراتها المهيأة لأنْ يكون لها نصيب من الكعكة الكبيرة، أما دول حلف الأطلسي التي حاربت لإسقاط النظام، فكلفة السلاح وتوابعه ستكون فواتيرها حاضرة، ولابد أن تكون لها الأولوية في إنتاج وتسويق النفط، واستغلال الثروات الأخرى، لأن علاقاتها تقيد السلطة القادمة بفضل قواتها التي أطاحت بالقذافي، وهي الرقم الأول في أبجديات أي عمل قادم..

أما أمريكا فلن تكون الطرف الأخير، فهي متواجدة على جميع الساحات، وعيونها وشركاتها مفتوحة على أن تكون الرقم الأهم في دورة الحكم القادمة..

هناك من يفسر هذه الهجمة أن الثورات العربية مهما استقلت بأدوارها واتجاهاتها، فهي أسيرة الحاجة للقوى الكبرى، إلا أن المعاملة ستختلف مع مواثيق الزعامات التي خرجت بدون عودة، أي أن تماثل المصالح سيُبنى على التكافؤ والندية في مسار الاستراتيجيات والمصالح كلها..

لكن ماذا عن الجوار العربي لليبيا؟ فالجزائر ستبقى الخاسر الأكبر إذا ما صدقت الاتهامات بدعمها القذافي، وتونس تعلق آمالاً أكبر لأن شرارة الثورة انطلقت منها، وبقيت داعمة للثوار بما في ذلك إيواء الهاربين من جحيم المصادمات العسكرية، وتعوّل أن عمالتها المدربة التي تحتاجها ليبيا، هي الأقرب والأكثر تجربةً في حقول الإدارة والإنتاج والسياحة وغيرها، بينما تبقى مصر الثقل الأكبر، إذ إن المصاهرات والعلاقات بين سكان البلدين، سواء من القبائل، أو الحاضرة، تجعل مصر ضرورة، إذ إن العاملين في ليبيا شكلوا الأكثرية من بين من عملوا في المنشآت ومختلف الأعمال، وتأتي المغرب والسودان على القوائم الأخيرة، ومع ذلك فالفوائد القادمة ستجنيها الدول الخارجية لما تملك من ضغوط وإمكانات تحتاجها ليبيا لرحلة الأعمال وهذا ما يفسر غياب الحرب الباردة القادمة وتحوّلها إلى حروب جني الأرباح الاقتصادية..