جهاد الخازن


قرأت أن باراك أوباما يحتاج أن يجد وظائف جديدة للأميركيين حتى يحتفظ بوظيفته في انتخابات الرئاسة المقبلة. كل قضية أخرى، داخلية أو خارجية، ستكون أقل أهمية بعد 17 شهراً، عندما يختار الأميركيون رئيسهم وكل أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ.

مِيتْ رومني يتقدم المتنافسين الجمهوريين على الرئاسة، وهو أعلن أنه سيجعل الاقتصاد أساس حملته الانتخابية، وسيحاول أن يقنع الناخبين بأن تجربته الواسعة والناجحة في القطاع الخاص ستمكنه من اقتراح حلول ناجعة للأزمة المالية المستمرة. وصرح رومني بأن باراك أوباما ليس مسؤولاً عن انطلاق الأزمة المالية، إلا أنه مسؤول عن قرارات أدت الى استمرار الانكماش، وهو لا يستطيع أن يستمر في اتهام بوش الابن الى الأبد. وكنت قرأت أن أكثر الوظائف الجديدة الشهر الماضي كانت في مطاعم ماكدونالد.

سارة بيلين تبقى الثانية في الشعبية بين الناخبين، غير أنني سأعود إليها وعضو الكونغرس ميشيل باكمان غداً، وكنت قرأت أن جون هنتسمان وميشيل باكمان يتمتعان بطاقة جمهورية قوية للمنافسة على الرئاسة. غير أنني لا أرى ذلك فقد قرأت استطلاعاً للرأي العام أظهر أن ثلاثة أرباع الجمهوريين لم يسمعوا باسم هنتسمان، كما أن الربع الذي يعرفه لا يؤيد كثيراً مواقفه السياسية بما في ذلك عمله لإدارة أوباما، وموقفه من الهجرة.

ربما كان اسم تيم باولنتي معروفاً في شكل أوسع بين الجمهوريين، غير أن بعض جوانب سياسته المعلنة ليس شعبياً، مع أن شهرته إنه محافظ في الشؤون المالية، وغير أن صراحته التي يفاخر بها قد تضره فهو يتحدث عن خفض برامج شعبية لدى الجمهور وزيادة سن التقاعد تدريجاً للحصول على ضمانات اجتماعية. وقد اعترف بأن مواقفه من الزراعة لا تناسب ولايته الزراعية أيوا، ومن الضمانات الاجتماعية لا تناسب فلوريدا ومن الإصلاح المالي لا تناسب وول ستريت أي نيويورك، إلا إنه أصر على أن يكون صادقاً مع الشعب الأميركي.

في الأيام الأخيرة أخذ اسم ريك سانتوروم، حاكم بنسلفانيا السابق، يتردد كمرشح محتمل، إلا إنني لاحظت أن الناخبين الجمهوريين لا يعرفونه، ولا أعتقد أن الوضع سيتغير بسرعة فهو ليس شخصية مثيرة أصلاً. وأفضل منه حظاً عضو مجلس النواب من تكساس رون بول، وهو مثير للجدل فعلاً، وقد عارض الحرب على العراق، ورشح نفسه في 1988 و 2008، ولا أرى أن حظه سيتغير فعمره 75 سنة، أي إنه أكبر سناً من كل مرشح آخر.

كذلك أجد أن نيوت غينغريتش أخرج نفسه من حلبة المنافسة وهي لم تكد تبدأ فسمعته سيئة وفضائحه كثيرة، ثم إنه مدمن على ارتكاب الأخطاء، وقد هاجمه اليمين واليسار أخيراً بعد أن هاجم أفكار الجانبين لإصلاح أمر الاقتصاد.

غينغريتش شعار حملته laquo;كسب المستقبلraquo;، إلا إن هذا كان من نوع شعار أوباما الذي طلب التغيير، وشعار رومني laquo;ثق بأميركاraquo;، وهو شعار السناتور جون كيري ضد بوش الابن، أما باولنتي فشعاره laquo;زمن الحقيقةraquo; وسانتوروم laquo;الشجاعةraquo;.

طبعاً، ليربح مرشح الرئاسة يجب أن يربح أولاً ترشيح حزبه له للمنصب، ما يطرح خصوصية جمهورية وضحت ملامحها مع جورج بوش الابن، فالمسيحيون التبشيريون مثلوا حوالى 44 في المئة من ناخبي الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية، لاختيار مرشحي الحزب للرئاسة والكونغرس. وقوة التبشيريين تذكرني بقوة الإخوان المسلمين في مصر، فالتبشيريون ليسوا 44 في المئة من الناخبين إلا أن عندهم القدرة لدفع أعضائهم نحو التصويت فيبدو حجمهم أكبر كثيراً من نسبتهم بين جميع الناخبين، وهو ما يفعل الإخوان في مصر. بل إن الطرفين يلتقيان في وجه تشابه آخر، فالمسيحيون التبشيريون لم يكونوا قوة في الانتخابات الأميركية قبل عقدين فقط، عندما كانوا يركزون على الدين، وبين الإخوان كان هناك دائماً من فضّل الاكتفاء بالدعوة على العمل السياسي.

المهم الآن هو أن المتنافسين الجمهوريين يخطبون ود التبشيريين. وقد رأينا قبل أيام كيف أقبلوا جميعاً على مؤتمر لتحالف الأديان والحريّة الذي لا بد أن يكون واجه معضلة، فالمرشحان رومني وهنتسمان من طائفة المورمون، واسمها الكامل هو كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر التي تبيح تعدد الزوجات، وهي كنيسة يعارضها التبشيريون، ما قد يؤثر في اختيار الحزب مرشحه للرئاسة. وأكمل غداً.