عبدالله عمران

سامحنا سيادة الرئيس، إذا تطاولنا عليكم بالنصيحة، وعذرنا أننا نتحدث من موقع الحرص على سوريا، سوريا الدور والتاريخ والموقع، ومن خشيتنا خسارة أسطورة الرئيس الشاب الإصلاحي، الذي تفاءلنا بوجوده في مرحلة معقدة من حياة الأمة العربية، وبخاصة في منطقة ما يسمى الهلال الخصيب، وعلى تماس مع عراق ملتبس، واحتلال ldquo;إسرائيليrdquo; شرس ومراوغ، ولبنان الطوائف المتصارعة، وعثمانية جديدة صاعدة، وغيبوبة مصرية في عهد النظام القديم، وأشباح بطالة سياسية عاصفة هنا وهناك، وتمدد إيراني في النسيج والسياسات والمعادلات .


وحينما لاحت تباشير صحوة شباب الأمة العربية، ظننا أن مثلك سيبدأ من أول السطر، وسيواجه ما أدمن نظامه الفرار منه عقوداً تحت ذريعة راية الممانعة والتحدي والصمود . واعتقدنا أن سوريا ستتجاوز أحداث درعا، وستعالج على عجل شحة الحريات وتجاوزات العقلية الأمنية، وأسئلة مزمنة ومعلقة عن أسطورة القائد الضرورة، وخرافة حزب الحاكم القائد، وما تجربة صدام وحزبه البعثي عنكم بعيدة .


لقد بحت أصوات أصدقائك، وهم يناشدونكم قيادة التغيير والإصلاح الحقيقي، ووضع حد للنزيف الجاري، فلا تحرجهم وتمضي إلى آخر الشوط .


لقد اعترفتم منذ اللحظة الأولى للأحداث في درعا، بالحاجة إلى الإصلاح، وقلتم إن الإصلاح قد تأخر، وناديتم باحترام الآراء المعارضة تحت سقف الوطن .


لكن الأفعال في ما بعد، كانت غير الأقوال، ولم تنجح عملية إخفاء وستر الصورة ومنع عدسات الإعلام . كما كان تشخيص نظامكم لما يجري من احتجاجات على أنه مؤامرة خارجية، مستغرباً مع التسليم بأن هناك قوى خارجية ستحاول توظيف الاحتجاجات الشعبية لخدمة مصالحها .


نخشى يا سيادة الرئيس، أن ينتهي دور سوريا العربي، وأن تطول معاناة الشعب السوري، وأن يغرق نظامكم في مستنقع العنف والعنف المقابل .


إن الحلول الأمنية المفرطة في عنفها، هي مجازفة خطرة، وبخاصة في ظل هذا الربيع العربي الممتد زمناً ومكاناً وتحولاً .


لقد نجحت في السنوات القليلة الماضية، ونجح والدك رحمه الله، في لعبة التسويات والتنازلات والتفاوض والكرّ والفرّ، في العلاقات الإقليمية والدولية، لكنك الآن تعاود استخدام هذا المنهج مع قوى شعبك في الداخل .


السيد الرئيس


هل تظن أن هذه القوى الوطنية شبحية ومنعدمة، فلا وساطات ولا مفاوضات ولا تسويات معها؟ أين التفكير العقلاني في التعامل مع شركاء الوطن؟ أين قدراتك في التحليل وفهم الواقع والمتغيرات؟


إن العنف المفرط، والمنفلت من كل قيد أخلاقي ووطني وإنساني، هو وصفة ناجعة لكارثة وطنية كبرى، ويشكل، من جهة أخرى، خيبة أمل لدى قطاع واسع من أصدقاء سوريا في العالم العربي، إلى درجة أن البعض صار يعتقد أنه ليست هناك سيطرة على الأجهزة .


السيد الرئيس


لا أحد في عالمنا العربي قادر على توفير الغطاء لنظامكم وهو يقمع شعبه، لقد انكسرت هيبة النظام، واصيبت الهالة، ومطلوب منكم مجازفة عاجلة، هي أقل من خسارة سوريا، وانهيار مجتمعها وإراقة دماء أبنائها .


إن سوريا اليوم، مكشوفة أمام الرياح، فلا عراق المالكي المهتز قادر على إقامة الأسوار أمام وصول السلاح إلى معارضيكم، ولا لبنان الذي يقف على برميل بارود متفجر قادر على أن يحارب معكم، ولا في جعبة أردوغان أدوات سحر تستطيع أن تغير أسلوب نظامكم في التعامل مع مجتمعكم الذي غُيبت فيه السياسة المدنية، ولا روسيا قادرة على الصمود أمام الضغط الدولي ومطالب الشعوب بالاصلاح والتغيير .


انتهى الزمن الذي كان يتيح للرئيس وحزبه الأوحد رفض أن يشاركه في الحكم أحد، وانتهى زمن المنهج الأمني في تدبير ومعالجة شؤون الأوطان . إن الاستدراك لايزال ممكناً يا سيادة الرئيس .