عمر عدس


حقق حزب العدالة والتنمية التركي، فوزاً ساحقاً في الانتخابات العامة التي جرت يوم الأحد، 12/،6 وحصل على نصف الأصوات تقريباً .

وكانت الانتخابات وفوز الحزب فيها، مناسبة لتعبير المراقبين عن رأيهم به، وبسياساته، وبزعيمه، رجب طيب اردوغان .

كتبت صحيفة ldquo;الغارديانrdquo; (13/6/2011) ldquo;أصبح رجب طيب اردوغان، أنجح رئيس وزراء في تاريخ نظام التعددية الحزبية في تركيا، بعد الفوز الساحق في الانتخابات العامة في البلاد، فقد كسب حزبه، حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إلى يمين الوسط، والذي يُمسك بزمام السلطة منذ ،2002 9 .49% من جميع الأصوات، ما يمنحه 325 مقعداً في البرلمان . ولكن هذه النتيجة تقصّر عن بلوغ أغلبية الثلثين اللازمة لتعديل دستور تركيا العسكري لسنة ،1982 من دون استشارة البرلمانrdquo; .

جاء حزب الشعب الجمهوري (العلماني)، في المرتبة الثانية بنسبة 9 .25% من الأصوات . والحزب الآخر الوحيد الذي كسب مقاعد في البرلمان، هو حزب العمل الوطني (اليميني المتطرف)، حيث كسب 13% من الأصوات، غير متأثر فيما يبدو، بفضيحة الأشرطة غير اللائقة التي تسببت في استقالة 10 من كبار أعضائه .

كما تم انتخاب ستة وثلاثين مرشحاً مستقلاً، معظمهم يحظى بدعم حزب السلام والديمقراطية الكردي، ومن بينهم المرشحة الكردية، ليلى زانا من ديار بكر . وكانت نسبة الإقبال على التصويت 79 .84% .

وتقول الصحيفة إن اردوغان يسعى إلى تطبيق نظام رئاسي في تركيا، وهذا يتطلب تعديل الدستور . ولكن نتيجة الانتخابات تتطلب إجماعاً برلمانيا أوسع لكي يتسنى وضع دستور جديد .

وتقول الصحيفة، إن هذا مما يسرّ منتقدي الحكومة، الذين يساورهم القلق إزاء موقف اردوغان الذي يزداد استبداداً، والذي يتهمونه بأنه يريد أن يطبق أسلوب فلاديمير بوتين (رئيس الوزراء الروسي)، لكي يظل ممسكاً بزمام الأمور إلى ما بعد ،2015 عندما يُحظر عليه رئاسة الوزراء مرة أخرى .

وترى الصحيفة أنّ حزب العدالة والتنمية سوف يواجه فترة ثالثة مقلقلة . ويتنبأ المحللون بتدهورٍ خطِر في الاقتصاد، كما أن سياسة تركيا الخارجية المتمثلة بrdquo;التصفية التامة للمشاكلrdquo;، تواجه تحدياً بفعل الانتفاضات الاقليمية، في دول مجاورة حليفة لتركيا العدالة والتنمية، منذ وقت طويل .

وتنقل الصحيفة عن بعض المراقبين قولهم إن اردوغان كان قد أشار إلى أن تركيا سوف تتبنى وجهة نظر الاتحاد الأوروبي في الأحداث الجارية في الدول المجاورة . كما أن التعامل مع الأقلية الكردية الكبيرة في تركيا، سيكون من القضايا الرئيسية .

وكتبت صحيفة ldquo;نيويورك تايمزrdquo; (12/6/2011) . . كان الدستور الحالي قد وُضع بعد انقلاب عسكري في ثمانينيات القرن الماضي، ويعتقد كثير من الأتراك أنه يضع مصالح الدولة فوق مصالح المواطنين، على حساب الحقوق الفردية والحريات . وفي ظل ادارة اردوغان، استعادت الحكومة استقرارها السياسي والاقتصادي بعد سنوات من الفوضى والاضطراب، رغم أن المعارضين يقولون إن ثمن تلك المكاسب كان ممارسة السلطة بطريقة تزداد استبداداً .

أمّا مؤيدو اردوغان، فينسبون اليه فضل ترسيخ مكانة تركيا في الشرق الأوسط، وتحويل البلاد إلى طرف اقليمي ذي أهمية حاسمة، في الوقت الذي ينشغل فيه العديد من دول الجوار في صراعات من أجل الديمقراطية، تتسم بالعنف في بعض الأحيان .

وتضيف الصحيفة أن اردوغان دفع البلاد إلى الأمام على طريق عضوية الاتحاد الأوروبي . . وحقق حزبه للبلاد نموّاً اقتصادياً قوياً بنسبة 9 .8%، على الرغم من أن البطالة ما تزال مرتفعة بإصرار، إذ تبلغ 12% تقريباً، كما يظل توزيع الدخل متبايناً .

ويشير المنتقدون إلى أن في تركيا الآن أكثر من 60 صحافياً في السجن، وكثير منهم متهمون بجرائم متعلقة بأعمالهم المنشورة، وفق ما يقول اتحاد الصحفيين الأتراك .

وعلى الرغم من هذه المثالب، يمتدح بعض الأوساط الليبرالية جهود الحكومة في تحدي الوضع الراهن الذي فرضه الجيش القوي، الذي قام بثلاثة انقلابات، وظل حتى عهد قريب يحتفظ بمكانة لا يمكن المساس بها في السياسات التركية .

وتقول الصحيفة إن الحكومة أشرفت على محاكمة مثيرة للجدل لمجموعة متهمة بالتآمر للقيام بانقلاب ضد الحزب الحاكم سنة 2003 . واشتمل التحقيق على اعتقال مئات الضباط، من متقاعدين وممارسين للخدمة، مما لطخ صورة الجيش وأخرجه من حلبة السياسة .

في موقع إذاعة دويتشي فيلي الألمانية على شبكة الانترنت، (13/6/2011)، كتب بهاء غونغور متسائلاً: ما الأسباب التي أدت إلى الفوز الثالث الساحق لإردوغان، خلال مدة تقل عن عقد من الزمن؟

ويتابع قائلا: لقد تمتعت تركيا بنمو اقتصادي مذهل . ولكن الإصلاحات، التي تسعى إلى جعل الدولة العضو في حلف الناتو، مسايرة لقيم الاتحاد الأوروبي ومعاييره، فقدت زخمها، بعد أن فترت الآمال بالانضمام إلى الاتحاد . كما دُفعت التطورات الايجابية مثل تعزيز الحريات الفردية والمؤسسية لجميع الطبقات إلى خلفية الصورة .

ويقول الكاتب، إن نجاح اردوغان المشهود كارثة على تركيا . فقد غدا في السنوات الأخيرة مقاوِما للنصح، ولم يعُد يجد حرجاً في وصف خصومه السياسيين بأنهم معادون للدولة تقريباً .

والنعمة التي جاءت في زيّ نقمة، هي أن حزب العدالة والتنمية، قصّر عن الفوز بالمقاعد ال 330 اللازمة لتغيير الدستور من دون استشارة المعارضة . وبذلك، لن يتمكن اردوغان من تحقيق تصوره لتحويل تركيا إلى جمهورية رئاسية .

ويضيف الكاتب قائلاً: إن كبرى المفارقات في الانتخابات هي أن الديمقراطيين كانوا يخشون في البداية المتطرفين اليمينيين، ولكنهم كانوا سعداء في النهاية بأن المتطرفين تجاوزوا عقبة العشرة في المئة . ولو أخفقوا في دخول البرلمان، لكان من الممكن أن يكسب حزب العدالة والتنمية المقاعد الاضافية اللازمة له لتحقيق أغلبية الثلثين .

ويرى الكاتب أن تركيا، رغم نتائج الانتخابات الحاسمة، مقبلة على مرحلة عصيبة . فضغط حزب العدالة والتنمية على المعارضين سوف يزداد، وسوف تشدد القيود المفروضة على الصحافة، وسوف تعطى الأولوية للدين- الذي يتناقض مع جذور تركيا العلمانية . . . وهكذا ستكون تركيا دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، تقدّم بيديها مبررات رفض قبول عضويتها، كما يقول الكاتب .

وفي مجلة ldquo;فورين بوليسيrdquo; (10/6/2011)، أي قبل الانتخابات بيومين، كتب افسين يورداكول، إن ما هو واضح، أن انتخابات الأحد ستكون البداية، لا النهاية، لتقرير ميراث اردوغان النهائي في تركيا . وإظهار رئيس الوزراء، مقدرته على توحيد مجتمع منقسم بعمق، تحت مظلة دستور شامل جديد، سوف يضمن له مكاناً في كتب التاريخ . ولكن السؤال هو: هل يملك المقدرة والإرادة لتحقيق النجاح؟