عبدالعزيز صباح الفضلي

تشتت ذهني واحتار عقلي في ايجاد عذر للصمت العربي الرهيب تجاه تلك المجازر التي تجري على أرض الشام، وحاولت إيجاد تفسير أو مبرر يدفع كثيراً من الدول العربية وجامعتهم ليكونوا شياطين خرس، وهم يشاهدون أشلاء الشيوخ والأطفال ويسمعون ما يندو له الجبين من شهادات حول الاعتداء على الأعراض وانتهاك الحرمات، هذه التساؤلات التي أشغلتني ومعي الملايين من أبناء الأمة العربية والإسلامية.
يا ترى هل هذا الصمت عن تلك الجرائم بسبب الشبه بين سياسة الاستبداد التي تمارسها هذه الحكومات على شعوبها وسياسة القمع الذي يمارسه النظام laquo;البعثيraquo; السوري، هل هو بسبب المصالح المشتركة بين بعض هذه الأنظمة والنظام السوري، والتي قد يكون بعضها مصالح شخصية بحتة، هل هو الخوف من أن نجاح الثورة السورية وإزالة النظام سيؤدي ولو بصورة غير مباشرة إلى تهديد حكم تلك الأنظمة، والخوف من انتقال العدوى لشعوبهم، هل هو الانبطاح للأوامر الأميركية والغربية، والتي ترى أن بقاء النظام السوري أفضل لضمان الأمن الإسرائيلي؟ فعلى مدى أكثر من أربعين عاماً لم تتعرض الحدود الإسرائيلية لخروقات من قبل الجانب السوري، والغرب كما إسرائيل ليس على استعداد لاستبدال نظام ربما يكون بديله ذا ميول اسلامية، ونزعات تحررية، قد تعرض أمن إسرائيل للخطر.
هذا الصمت يجعل المواطن العربي يشعر بأن هناك وصمة عار يسجلها التاريخ تجاه الدول التي ينتمي لها، تجعل المواطن العربي، يتمنى لو كان له رئيس مثل الرئيس التركي، أو رئيس مجلس وزراء كأردوغان، وبرغم أنهم أعاجم إلا أنهم أخجلونا نحن العرب، والذين امتلأت دواوين أشعارنا بالنخوة والشهامة، وإغاثة الملهوف، فتبين للمشاهد والقاريء العربي أنها حبر على ورق، وكلام في الهواء، فالشعراء كما الحكام يتبعهم الغاوون، وهم في كل واد يهيمون، وحقيقتهم أنهم يقولون ما لا يفعلون.
أخجل وأنا أرى الموقف الرسمي الكويتي يتخاذل عن نصرة المستضعفين والمظلومين في سورية، أتألم عندما تمنع اللجان الخيرية من جمع التبرعات للاجئين السوريين في تركيا، وأحزن عندما تمنع السلطات المهرجان الخطابي والذي كان يفترض إقامته في إحدى قاعات الهيئة الخيرية، ويكون المنع قبل ساعات قليلة من إقامته، مما شتت الجموع وأثر على الحضور.
لكنني في المقابل باسمي وباسم المئات بل والآلاف من أبناء الكويت لنرفع أسمى آيات الشكر والتقدير للنواب الأفاضل جمعان الحربش ووليد الطبطبائي ومبارك الوعلان الذين بيضوا وجوهنا من خلال مشاركتهم الفاعلة في التظاهرة التي أقيمت في تركيا لنصرة الشعب السوري، والتي عبرت عن وقوف الشعب الكويتي مع اخوانه في العروبة والإسلام في سورية والذين ذاقوا الأمريين من نظام لا يرقب فيهم دينا ولا ذمة، والشكر موصول للنائب محمد هايف والذي لم يتأخر لحظة في الدعم والمناصرة.
لقد فضحت الثورة السورية حزب اللات والمسمى زوراً laquo;حزب اللهraquo;، هذا الحزب الذي كم تحدث عن نصرة المظلوم، والوقوف في وجه الظالمين، لكنه سقط سقوطاً ذريعاً حينما لم يكتفي بالتزام الصمت كبقية الأنظمة العربية، وإنما تعداها، حين وصف نظام البطش والطغيان بأنه من أشرف دول الممانعة، والواقف كسد منيع ضد التهديدات الإسرائيلية، بينما الواقع يكذب ذلك، إن الموقف المتخاذل من حسن نصرالله وحزبه ليجعل الكثيرون يتشككون بحقيقة المقاومة التي يرفع شعارها، وبالحق الذي يزعم مناصرته.
إنها دعوى مستعجلة للحكومات العربية بأن تستجيب لصرخات المظلومين، وأن يصحو ضميرها المستتر، فتساهم في وقف نزيف الدم قبل فوات الأوان.
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم
قتلى وجرحى فما يهتز إنسان
ألا نفوس أبيات لها همم
أما على الخير أنصار وأعوان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان