ظافر محمد العجمي
أستطيع أن أزعم دون تردد أن الصندوق الأسود لسجلّ كوارثنا يستمد مفردات محتواه من قاموس إيراني. فبحكم المنطق الداخلي للأحداث تكشّف حجم فشل محاولة صبية الاستخبارات الإيرانية عبر شبكاتهم امتطاء مهرة عربية جامحة لم يكونوا أهلا لركوبها في شوارع مملكة البحرين، أو شوارع الكويت. تلاها هجوم رئيس الأركان الإيراني فيروزبادي في مايو 2011م بالقول إن هذه المنطقة laquo;كانت دائما ملكا لإيرانraquo; وإن laquo;الخليج فارسي انتمى وينتمي وسينتمي دائماً لإيرانraquo;. لقد انجلت الغمة من سماء البحرين بعد أن حققت قوة درع الجزيرة أهداف خطتها الأمنية البحتة، حيث لم يكن لها أهداف على الصعيد السياسي في الساحة البحرينية، كما روجت أطراف تشغل طهران حيزا كبيرا من أفقها. لهذا ستنعقد بعد أيام قليلة طاولة الحوار، بمشاركة قوى تمثل كل أطياف الشارع البحريني، بنسبة تأكيد مشاركة %94 من قبل الذين وجهت إليهم الدعوات من الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات العامة، ولهذا جاء الإعلان عن انسحاب أو إعادة انتشار قوات الدرع.
وسواء كان انسحاب قوات الدرع من مملكة البحرين الشقيقة ابتداءً من الاثنين المقبل 4 يوليو 2011م كليا أو جزئيا أو لإعادة توزيعها (REDEPLOYMENT) -والذي يعني عسكريا سحب القوة وإعادة نشرها بمهمات جديدة وفي أماكن مختلفة للحصول على نتائج أفضل مما سبق- فهو مؤشر على أن القوات البحرينية قادرة على تأمين الوضع وتدعيم الاطمئنان في نفوس المواطنين، وهو من جهة أخرى نجاح لدول مجلس التعاون في تطبيق مبدأ الأمن الجماعي، ومعاهدة الدفاع المشترك. ورغم ما شاب عملية الانفتاح في البحرين في البداية من شد وجذب غير مبرر على أصعدة تميزت بقصر النظر الاستراتيجي، فإن ما جرى في جانب منه قد أثلج صدر العسكري الخليجي حين حقق ما تدرب على تنفيذه في تمارين مشتركة منذ منتصف الثمانينيات.
تغادر قوات الدرع البحرين كما يغادر الصقر وكره ليعود كما يشاء، باحتشاد البحرينيين لشكرهم فيما يشبه ما استقبلوا به حين قدومهم بالأعلام والزغاريد. فمنذ إعلان الملك حمد بن عيسى آل خليفة حالة السلامة الوطنية قبل ثلاثة أشهر، لم يقذف البحرينيون رجال الدرع بالقنابل الحارقة، ولم يسدد قناص خليجي طلقة لمتظاهر كما كان يحدث في بلفاست 1969م عاصمة أيرلندا الشمالية ضد قوات الاحتلال البريطانية، بل كان هناك تعاون كبير بين أهالي البحرين ورجال أمن الخليج العربي الذين جاؤوا لحماية ممتلكات البلد، وتأمين حياة مواطنيه، فانضوت القوات الخليجية تحت مظلة قوات حفظ النظام بإمرة قوة دفاع البحرين. فتحقق الأمن بسرعة أصابت الفتنة الخارجية في مقتل.
زغاريد أهل البحرين في وداع بعض إخوانهم من منتسبي قوات درع الجزيرة التي قلبت موازين القوى في وجه صبية الاستخبارات الإيرانية كان لها صدى على الشاطئ الإيراني المقابل تمثل في إطلاق 14 صاروخ بالستي ضم laquo;زلزالraquo; و laquo;قدرraquo; و laquo;شهاب 1raquo; و laquo;شهاب 2raquo; و laquo;فاتح 110raquo;، والتي كان إطلاقها نهاية القسمِ الثاني من المرحلة الأولى من مناورات الوحدات الصاروخية في الحرس الثوري المسماة (الرسولِ الأعظم 6)، مما يعني أن عودة الأوضاع إلى طبيعتها في مملكة البحرين قد لا تعني بالضرورة زوال الخطر عن المنطقة، بل هي دافع لتركيب صندوق أسود جديد.
التعليقات