القدس
اجتاحت قوات الامن السورية أمس حماة ومدنا سورية اخرى شهدت في الاشهر الاخيرة احتجاجات جماهيرية ضد حكم الرئيس بشار الاسد، وقتلت ما لا يقل عن 136 شخصا في غضون يوم واحد. في بؤرة الاحداث أمس كانت مدينة حماة، التي وقعت فيها في العام 1982، مذبحة جماعية أمر بها أبو الرئيس الحالي، حافظ الاسد. في المذبحة السابقة قُتل نحو 20 ألف شخص. أمس قتل في الاحتجاج نحو 100 من السكان، حسب تقارير منظمات حقوق الانسان المحلية بنار قذائف الدبابات والقناصة. عدد القتلى أمس هو الأعلى في يوم واحد منذ بدأت المظاهرات في منتصف شهر آذار. الهجوم المتداخل على المدن الثائرة جاء قبل يوم من بداية شهر رمضان، الذي وعد فيه النشطاء العاملون ضد الاسد بتصعيد الاحتجاج والشروع في المظاهرات الليلية.
أفلام قصيرة وصور عرضت على الانترنت جرت ردود فعل حادة وتنديدات في أرجاء العالم. الرئيس الامريكي باراك اوباما، قال ان التقارير من حماة تبعث على الصدمة ووعد بالعمل على فرض العزلة على الاسد، وأضاف بأن 'سورية ستكون مكانا أفضل عندما تبدأ في التقدم نحو نظام ديمقراطي'. رد أكثر حدة جاء من السفارة الامريكية في دمشق. الناطق بلسان السفارة جي جي هاردر، قال لوكالة رويترز للانباء ان الحكم السوري أعلن الحرب على الشعب السوري. على حد قوله 'هذه خطوة يائسة. يبدو أن النظام يؤمن بقدرته على البقاء من خلال حرب شاملة ضد المواطنين'. في الاشهر الاربعة الاخيرة قتل نحو 1600 شخص في سورية.
وكالة الانباء السورية الرسمية 'سانا' ادعت في تقاريرها بأن عشرات المسلحين انتشروا على الاسطح في مدينة حماة وانهم 'يطلقون النار بكثافة لفرض الرعب على السكان'. من الصور التي وصلت الى الشبكة، يبدو بالذات الجيش هو الذي يطلق النار على المواطنين، والدبابات تطلق قذائفها نحو المباني في أرجاء المدينة. ووصف الناطق بلسان السفارة الامريكية التقارير الرسمية بأنها 'ترهات'.
كما أفادت وكالة الانباء الحكومية بأن 'مليشيات مسلحة أحرقت محطة شرطة، أفسدت ملكا خاصا وعاما، أقامت حواجز ومتاريس وأشعلت اطارات للسيارات في مدخل المدينة'. وحسب التقرير، فان المليشيات تتسلح بآلات اطلاق النار والقنابل. 'وحدات الجيش تزيل المتاريس والحواجز في مداخل المدينة'، قال التقرير الرسمي. رامي عبد الرحمن، مدير مركز حقوق الانسان الذي يجمع شهادات الاحتجاج، نقل الى شبكة الاخبار القطرية 'الجزيرة' تقارير عن شهود عيان رووا بأن الكثيرين أصيبوا في رؤوسهم، مثلما في الاعدام. وروى شهود عيان آخرون عن اعمال فظيعة ترتكب في المدينة. وقال بعضهم في مقابلات مع القنوات التلفزيونية العربية بأن الدبابات دخلت حماة من عدة اتجاهات، وانتشرت في شوارع المدينة واطلقت النار نحو كل شخص يتحرك في الشوارع.
حسب هذه التقارير، فقد أقام السكان حواجز على عجل في محاولة لمنع انتشار الدبابات ولكن دون نجاح. السكان في حماة ادعوا بأنه فضلا عن العدد الهائل للقتلى كان هناك العشرات من الجرحى لم يكن هناك امكانية مناسبة لتقديم العلاج لهم. وأفادوا بأن الفرق الطبية في مستشفيات حماة تنهار من شدة العمل وليس بوسعها توفير العلاج الطبي لهم.
المواجهات الشديدة استمرت ايضا في اماكن اخرى في ارجاء سورية. ستة اشخاص على الأقل قتلوا في قرية حارك المجاورة لدرعا جنوب شرق الدولة، بل وبثت المعارضة شريطا لطفلة رضيعة قتلت في اثناء الاحداث في هذه القرية. وتبدو في الشريط أم تشتم الاسد وتتهمه بقتل الاطفال. في دير الزور، معمدية، وحمص وقعت مظاهرات احتجاجية ضد نظام بشار الاسد. دخول القوات الى حماة أمس بدا كمحاولة من رجال الرئيس الاسد لاخضاع المدينة عشية بدء شهر رمضان اليوم. وتبدأ الحملة العسكرية ليس فقط في حماة بل وفي مدن اخرى وفي ضواحي دمشق بنية اخضاع المعارضة في أقرب وقت ممكن، عشية الشهر الفضيل، يحتمل خشية أن تكون ايام الجمعة القريبة عاصفة أكثر بكثير.
الهجمات الفتاكة من قوات الامن السورية على المتظاهرين في أرجاء الدولة والتي أدت الى موت ما لا يقل عن 136 شخصا جرت بعضا من التنديدات الأشد ضد الحكومة السورية.
فضلا عن الولايات المتحدة، فان ايطاليا، فرنسا، المانيا وبريطانيا، نددت بقتل المتظاهرين. ونددت ايطاليا بهجوم الجيش السوري في مدينة حماة ووصفته بـ 'العمل القمعي الرهيب'. 'هذه خطوة اخيرة في سلسلة اجراءات القمع العنيف ضد المتظاهرين، الذين يحتجون بشكل هادىء على مدى الايام'، قال أمس وزير الخارجية الايطالي فرانكو برتيني.
وزارة خارجية فرنسا نشرت بيانا بموجبه 'تشجب فرنسا بالشكل الأشد القمع المتواصل على أيدي السلطات السورية، والآخذ في الاحتداد. الزعماء السياسيون، العسكريون والامنيون ملزمون بأن يعرفوا، اليوم أكثر من أي وقت مضى، بأنه سيتعين عليهم أن يقدموا الحساب على أفعالهم'.
وزير الخارجية الالماني، غيدو فسترفالا، حذر من أنه تحتمل عقوبات اخرى ضد نظام الاسد. 'أنا مصدوم عميقا مما نراه الآن في سورية'، قال الوزير في بيان نشرته وزارة الخارجية الالمانية. أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ فدعا الاسد الى وقف القتل فورا.
تركيا هي الاخرى، التي كانت حتى وقت أخير مضى، حليفا لسورية، أعربت عن خيبة الأمل والغضب. 'الى جانب باقي العالم الاسلامي، تركيا خائبة الأمل وحزينة من التطورات الاخيرة، بالذات في بداية شهر رمضان'، كما جاء في بيان وزارة الخارجية في أنقرة. 'الهجوم في حماة يثير التساؤل هل النظام السوري معني بحل المشكلة بالوسائل السلمية'.
هآرتس 1/8/2011
التعليقات