غنيم الزعبي

من أجمل مسرحيات الفنان المبدع محمد صبحي مسرحية اسمها laquo;الهمجيraquo; والتي في أحد أطرف مشاهدها يقوم شخص ضعيف جدا وقصير بالاستمرار بالتحرش في محمد صبحي الذي يطلب منه الابتعاد ولكنه يستمر بالاقتراب منه والاستمرار بالتحرش به.عندها يقول له محمد صبحي laquo;يا بني إديني أمارة على فتونتك ديraquo;.
تذكرت هذا المشهد الجميل وأنا أتابع تصريحات النواب وأحد وزراء الحكومة القاسية والشديدة في موضوع ميناء مبارك والتي ملأت كل وسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية، لكنهم سامحهم الله على كثرة تصريحاتهم العنترية والمتشددة لم يعطونا فكرة عن مصدر القوة الذي استندوا اليه وهم يدعون الحكومة إلى المزيد من التشدد في هذا الموضوع.

هل قامت الكويت بالتشاور والتنسيق مع أميركا حول هذا الميناء؟ لا أعتقد والدليل هو غياب أي تصريح أميركي حول ميناء مبارك، بل على العكس هناك بعض التصريحات المبطنة من بعض مراكز الدراسات السياسية الأميركية، والتي نعلم أنها غالبا ما تغذي صانع القرار الأميركي بالخيارات المختلفة لمعالجة الكثير من القضايا الدولية، والتي تعتب على الكويت الإصرار على هذا المشروع الذي من الواضح جدا حساسية الشعب العراقي نحوه.

لذلك ليس من صالح الكويت في هذا الوقت بالذات بإجبار أميركا على الاختيار بين الكويت أو العراق والأسباب لذلك كثيرة.. فأميركا سوف تعلن إفلاسها يوم الثلاثاء القادم وستصبح دولة في حاجة إلى أي شيء يرمم اقتصادها.

واذا علمنا ان العراق بلد مقبل علي صرف مئات المليارات لبناء بنيته التحتية التي دمرتها الحروب وسيكون له الخيار بالاختيار بين أي الشركات العالمية التي سيفتح لها خزائن العراق وفي الوقت نفسه الكويت خالية من تلك المشاريع المليارية فالبنية التحتية في الكويت مكتملة والمشاريع الموجودة فيها تعتبر فتات خبز مقارنة مع ما سيجري بالعراق.

وكأحد الأمثلة علي سياسة الجزرة التي ستتبعها حكومة العراق هو تصريح رئيسها نوري المالكي أمس عن نية العراق شراء 16 طائرة إف 16 من أميركا وهو تصريح خبيث يجب أن نفهم المغزى من توقيته، بعد معرفتنا لكل هذه المعلومات يجب ان نتريث قليلا ونغير لهجتنا الصدامية في موضوع الميناء، حتى لو وصل الموضوع إلى إلغائه الذي لن يكون كارثة فأساسا الزبون الوحيد لهذا الميناء سيكون العراق فإذا كان هذا الزبون رافضا لهذه الخدمة، فما الجدوى من الاستمرار خاصة مع نية العراق إنشاء ميناء الفاو الكبير.