الناصرة ـ 'القدس العربي' من زهير أندراوس

أعلن وزير الأمن الإسرائيليّ، إيهود باراك، أنّ اسرائيل ستسمح لمصر بإدخال آلاف الجنود المصريين إلى شبه جزيرة سيناء، على الرغم من أنّ اتفاقيّة السلام الموقعّة بين الدولتين لا تجيز ذلك.
وأوضح باراك، كما جاء في موقع إذاعة الجيش الإسرائيليّ، أنّ الحكومة ستسمح أيضا للمصريين بإدخال المروحيات والمركبات العسكريّة المصفحة، لافتا إلى أنّ أقوال باراك وردت في لقاء صحافيّ أدلى به لمجلة 'إيكونوميست' البريطانيّة.
وشدد باراك في سياق حديثه على أنّ إسرائيل لن تسمح لمصر بإدخال دبابات أخرى إلى سيناء، وزاد قائلاً إنّه في بعض الأحيان يجب تليين المواقف الإستراتيجيّة لمصلحة الاحتياجات الأمنيّة.
في نفس السياق، ذكر الموقع الإسرائيليّ أنّ مسؤولاً رفيع المستوى في ديوان رئيس الوزراء، رفض الكشف عن اسمه، قال إنّ الأوضاع في شبه جزيرة سيناء من الناحيّة الأمنيّة ستتدهور أكثر مما هي عليه الآن، إذا لم تقم الدولة العبريّة ومصر بأعمال لوضع حدٍ لهذا الوضع الخطير، على حد قوله.
وبحسب باراك، فإنّه لا يُقلل بالمرة من مخاطر إدخال الجنود المصريين إلى شبه جزيرة سيناء، ولكنّه بالمقابل أكد على أنّ الجنود المصريين الذين دخلوا إلى سيناء لن ينسحبوا.
وذكرت المصادر السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب أنّ قرار باراك جاء على خلفيّة العملية الفدائيّة التي نُفذت الخميس قبل الماضي في إيلات، حيث تمكّن أعضاء الخليّة الفدائيّة من عبور الحدود الإسرائيليّة المصريّة غير المؤمنة. على صلة بما سلف، أفادت التقارير الإسرائيليّة بأنّ رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ، الجنرال في الاحتياط، يعقوب عميدرور، صرح أمس أنّ الدولة العبريّة على استعداد لإجراء تحقيق مشترك مع المصريين حول الأحداث التي وقعت على الحدود الأسبوع الماضي، لافتا إلى أنّ التفاصيل وآلية إجراء التحقيق سيتم تحديدها في الأيام القريبة القادمة بالتنسيق بين الجيش الإسرائيليّ والجيش المصريّ. ولكن الرد من داخل المؤسسة السياسيّة في تل أبيب على قرار باراك لم يتأخر، فقد قالت الإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة باللغة العبريّة (ريشيت بيت) أمس الجمعة إنّ رئيس الكنيست، النائب رؤوفين ريفلين، وهو من أقطاب حزب (ليكود) الحاكم أصدر أوامره إلى المستشار القضائيّ للبرلمان الصهيونيّ لفحص شرعيّة قرار باراك، ونُقل عنه قوله إنّه يجب التأكد من أنّ الحكومة قادرة على نقض اتفاق كامب ديفيد مع مصر دون الحصول على مصادقة الأغلبيّة في الكنيست الإسرائيليّ، لافتا إلى أنّ قرار باراك ليس كافيا، لأنّ الحديث يدور عن تغيير جوهريّ في اتفاق السلام مع مصر، على حد قوله.
إلى ذلك، قال السفير الإسرائيليّ الأسبق في القاهرة، تسفي مازئيل، في مقالٍ نشره على موقع الإنترنت التابع لصحيفة 'يديعوت أحرونوت' إنّه في الآونة الأخيرة نشر في الولايات المتحدة الأمريكية التقرير الذي أكّد على أنّ مصر فقدت دورها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وانّ المملكة العربية السعودية ودولة قطر هما المرشحتان لخلافتها في هذا الدور، ولكن على ارض الواقع فانّ الأمور تبدو مغايرة بالمرة، فلأمريكا وإسرائيل أهداف استراتيجية بأن تبقى مصر، الدولة الرائدة في العالم العربي، على حد تعبيره.
وبحسب مازئيل فانّ الحديث عن تراجع الدور المصري لا يتماشى مع المصالح الأمريكيّة والإسرائيليّة على حد سواء، فواشنطن وتل أبيب تريان في مصر شريكة استراتيجيّة، وتتابعان عن كثب التطورات الأخيرة، لأنّه وفق منظورهما، فانّ المس بمكانة مصر الإقليمية ستكون له نتائج وتداعيات خطيرة جدا على الدولة العبرية وعلى منطقة الشرق الأوسط برمتها، على حد تعبير السفير الأسبق.
وخلص إلى القول إنّه لا توجد دولة عربية واحدة بإمكانها أن تكون وريثة أو بديلة لمصر في الحفاظ على المصالح الإستراتيجية لأمريكا وإسرائيل في المنطقة، والقول إنّ الدور المصري ضعف ليس صحيحا، ولا يمكن البتة المقارنة بين الثقل السياسي والديمغرافي والثقافي والتاريخي لمصر مع من يرشحها عدد من الخبراء لوراثة مصر، أي المملكة العربية السعودية، فالأخيرة ليست إلا دولة صحراوية تملك النفط، ولقطر لا توجد أهمية كبيرة، وبالتالي فانّ مصر هي الدولة الأكبر والأقوى في العالم العربي، وبالتالي هناك هدف استراتيجي واضح لكل من إسرائيل وأمريكا بالمحافظة على استقرار مصر وتعزيز السلام بينها وبين إسرائيل، على حد تعبيره.