علي حسين
لا نتوقع أن يتغير الإعلان الذي يطاردنا في الفضائيات وعلى واجهات الصحف كل يوم والذي يدعونا لأن نكون طرفا في الحرب الضروس الدائرة بين المالكي والهاشمي، ودخول لعبة التجاذبات الطائفية التي يجيدها سياسيو هذه الايام، ألم يكن من الأجدى والأفضل والأكثر احترامًا للناس إيقاف هذه الحملة مؤقتا حتى تتضح الرؤية؟.. فليس من المعقول أبدا مع ما نشاهده في الفضائيات وعلى الصفحات الأولى ،
من كلام لا يحترم عقول الناس ، وخطابات اقرب الى الكوارث التي تريد ان تذهب بنا الى المجهول ، هذا من ناحية، أما الأهم فهو هذا الجهل السياسي لما يحدث للناس في بلد يتحول يوم بعد آخر الى دويلات تتصارع من اجل المنافع ، بفضل سياسيين تركوا مشاكل البلد معلقة بلا حل، ليشغلوا أنفسهم ويشغلونا بمعارك جانبية، وليحولوا الممارسة الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك شيطانية تكتب في النهاية شهادة لهذا البلد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، عروض ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئا فشيئا من مباراة في السياسية إلى مقاطع كوميدية رخيصة ، ومن حوار يغني إلى سوق مناكفة وعرض سيئ للعضلات وفجاجة في العمل السياسي، اليوم نعيش أجواء ديمقراطية أضرت وتضر بالعراقيين جميعا ، وسياسة تحولت خطابا طائفيا مقيتا، اليوم نعيش مرحلة الغيبوبة السياسية، مرحلة اشترك فيها الجميع في سرقة أحلام ومستقبل العراقيين ، ولعل الهاشمي كان صائبا هذه المرة حين قال في تصريحه امس quot;ان المالكي شريك لي quot; ، نعم هم جميعا شركاء في خداع هذا الشعب وسرقة ثرواته واثارة روح الانقسام الطائفي فيه ، نعم هم شركاء في تفشي الانتهازية والمحسوبية والرشوة والتزوير ، شركاء في دفع البلاد الى هاوية الحرب الطائفية ، شركاء في التخطيط لبناء دكتاتورية على أنقاض دكتاتورية صدام ، اليوم وبعد ان اغلقوا في وجوه الناس ابواب الامل ببناء عراق ديمقراطي عليهم ان يرحلوا ، ففراق بمعروف او تسريح بأقل الخسائر .. هذا هو الشعار الذي يجب ان يرفعه العراقيون اليوم ، لا يوجد مبرر لاستمرار جوقة السياسيين هذه في ادارة البلاد ، هل يصدقون ان الناس ستخرج الى الشوارع نادبة ولاطمة الخدود والصدور لو ان الهاشمي استقال او ان المالكي غادر منصب رئيس الوزراء ، هل يعتقدون لو انهم تركوا ادارة البلاد سنعيش عصورا من الفوضى ؟ اليوم الناس تتأمل التصريحات المتوترة والمتشنجة والعشوائية لتعرف انها تعيش مع ساسة منفصلين عن الواقع ، يعيشون في ابراجهم الخاصة ، يعتبرون وجودهم في المنصب تكليفا شرعيا على الجميع ان يذعن له ، ساسة لا يعترفون بالفشل ولا يعتذرون عن الخطأ ولا يدركون انهم يدفعون بالبلاد الى هاوية سحيقة ، ولا يستوعبون انهم سرقوا فرحة الناس بالخلاص من القائد الضرورة.
الدرس الذي يجب ان يتعلمه الناس من انحدار مستوى كفاءة السياسيين في ادارة البلاد هو أننا إزاء فشل قاتل وسقيم وبمواجهة ساسة ومسؤولين بلا مقدرة ولا كفاءة ولا خيال ، الا خيال القتل والسرقة واثارة الفتن والمحن ،
أيها العراقيون لن يتحقق الاستقرار والازدهار إلا إذا تخلصتم من سياسيي الأزمات، الذين أثبتت التجربة أنهم جاؤوا لخدمة مصالحهم، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، وتخمة فوق تخمتهم، وشابت تصرفاتهم شائعات كثيرة تمس الذمة والنزاهة فأساؤوا للتجربة السياسية الجديدة والتي لن يكتب لها النجاح بوجودهم.
الهاشمي أتمنى أن تسأل نفسك: ما حقيقة الدور الذي تلعبه في السياسة العراقية ؟ وستجد أنه أشرف وأكرم لك أن تقدم استقالتك ، أما السيد المالكي فلا فائدة من الكلام مع دولته .. فقد بات يعتقد بان العراقيين لا يمكن ان يغمض لهم جفن دون ان يتطلعوا في صورة الزعيم الأوحد.
التعليقات