حازم عبدالرحمن

طالبت النيابة العامة بإعدام الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وأربعة من كبار قيادات الداخليةrlm;.rlm; وكانت هذه الطلبات الدرامية ختام مرافعة استمرت ثلاثة أيامrlm;.rlm; ونحن نؤيد إعدامهم مائة مرة بشرط ألا يكون ذلك بدافع النزول علي رغبة الجماهير أو لتهدئة الخواطرrlm;.rlm;


(1)
هذه الطلبات القوية للنيابة العامة ربما تلبي رغبات كثير من المصريين الذين انتظروا فترة طويلة وهم يتحرقون شوقا للثأر للشهداء والمصابين الذين سقطوا خلال أيام الثورة. وهذه رغبات عادلة بشرط ألا يكون المتوفون أو المصابون قد سقطوا أمام أقسام الشرطة أو مقر وزارة الداخلية أو خلال الفرار الجماعي من السجون, وأن يثبت من صحيفة الحالة الجنائية لكل منهم أنه من الثوار الأبرياء الذين خرجوا يرددون في الشوارع' سلمية سلمية' بينما كانوا يهتفون بسقوط النظام السابق. ولأجل هذا المطلوب من النيابة العامة علي الرغم من انتهاء مرافعتها أن ترسم لنا خريطة بيانية تبين عليها أعداد القتلي في كل منطقة بالبلاد. فنحن نريد أن نعرف مثلا كم شخصا تم قتلهم في ميدان التحرير؟ وعدد القتلي أمام مقر مباحث أمن الدولة, وكم قتيلا سقط بميداني الأربعين بالسويس والقائد ابراهيم بالأسكندرية. وهكذا في كل مدينة بمصر, فلا يكفي أبدا أن يقال لنا أن225 شخصا قد توفوا و1368 اصيبوا فنحن نريد أن نعرف أين وقع لهم ذلك وماهي إصاباتهم وبأية أسلحة.
الضرورة القصوي تحتم أن تكون المطالبة بإعدام الرئيس السابق وفقا لصحيح القانون. فالنيابة قالت في أول أيام المرافعة أنها لم تحصل علي أي دليل مباشر ضد المتهمين في هذه القضية. وقالت إن ماصدر عنهم بصفتهم يستحيل الوصول إليه, وأضافت أن وزارة الداخلية وهيئة الأمن القومي لم يتعاونا معها وقصرا في واجبهما تجاه القضية.
فماذا حدث بحيث اصبح في إمكان النيابة أن تتأكد من مسئولية المتهمين عن القتل وانه جاء مع سبق الإصرار, ومن أن الضحايا من الثوار الأبرياء وليسوا من البلطجية أو المسجلين خطر. لقد اعترفت النيابة العامة بأنها أقامت كل تصورها بأحقية تطبيق عقوبة الإعدام علي مبارك من واقع انه لابد قد علم بوقوع قتلي ورغم ذلك لم يصدر أمرا بوقف القتل. فهل يكفي هذا للحكم بالإعدام؟ كنا ننتظر من النيابة العامة أن تبني موقفها علي ان مبارك أصدر قرارا أو أمرا بالقتل للمسئول الفلاني وأن قتل المتظاهرين أعقب ذلك مباشرة. نريد ان تكون إدانة مبارك بأدلة دامغة فعلا لا قولا, حتي يسقط بلا أسف.
(2)
تقول النيابة العامة إنها استمعت إلي ألفي شاهد تقع أقوالهم في800 صفحة. وهم من المصابين وأهالي المتوفين وأطباء ورجال شرطة. وكان أقوي ما ذكرته في أدلة الثبوت أن اللواء حسين موسي بإدارة الأمن المركزي قال إنه' تنامي' إلي سمعه أوامر محدده لتزويد قوات الشرطة بأسلحة آلية وخرطوش للتعامل مع المتظاهرين حسب الموقف, وقالت النيابة أيضا أن20 ضابطا ذكروا أن تعليمات صدرت لتعزيز الخدمات الخارجية بسلاح آلي وان القوات تعاملت مع المتظاهرين أمام وزارة الداخلية بسلاح ناري( أليس من واجب الوزارة ممارسة حق الدفاع الشرعي عن النفس وإلا لماذا صدر حكم البراءة في قضية السيدة زينب).
ومن أغرب ادلة الثبوت ما قررته شاهدة بإنها أثناء وجودها في شارع قصر النيل شاهدت ضابط شرطة يصوب مسدسه نحوها وقام احد المتظاهرين بافتدائها مستقبلا الرصاصة في رأسه فسقط قتيلا في الحال! ومواطن آخر قرر أن أحد الأشخاص أصيب بطلق ناري أطلقه أحد القناصة, وذكر ثالث ان المجني عليه معاذ سيد أصيب بطلق خرطوش في رقبته. بالله عليكم هل هذه الأقوال المرسلة تكفي لإقامة قضية يترتب عليها إعدام إنسان؟.
(3)
هذه القضية كبيرة لإنه من خلالها تتم محاكمة رئيس جمهورية لأول مرة في تاريخ مصر ولذلك فهي تحتاج إلي أدلة دامغة قوية وعلي نفس درجة وقوة ووضوح عقوبة الإعدام. تأتي اهمية هذه النقطة لأننا في هذه المرحلة نحرص علي نزاهة الانتخابات لأنها هي التي ستحدد شكل مجلس الشعب والدستور وانتخابات رئيس الجمهورية, فإذا كانت النزاهة مهمة للانتخابات الا تكون أكثر أهمية عند إدانة الرئيس السابق, أقول ذلك وكلي أسف لأنني بداخلي خوف قاتل ان تكون العقوبة المطلوبة نزولا علي طلب الجماهير, فالأحري أن نتثبت تماما من قوة أدلة الاتهام حتي ننفذ العقوبة وكلنا يقين مما نفعل, فعار علينا أن نعدم الرجل علي طريقة صدام حسين أو معمر القذافي, والأهم من كل هذا هو ألا تبدأ مصر طريقها نحو المستقبل بجريمة, فهذه ستكون أسوأ بداية ممكنة.