أحمد الدواس


في وضع كهذا غالباً ما يدفع المواطن الثمن


تٌعزى الأزمة السياسية في العراق الى فقدان الثقة بين المسؤولين العراقيين ففي انتخابات عام 2010 فاز السيد اياد علاوي عن القائمة العراقية بفارق صوتين على السيد نوري المالكي من حزب الدعوة الموالي لايران، أي ان علاوي كان أحق برئاسة الحكومة، لكننا وجدنا ان المالكي أخذ يحتج بشدة على هذه النتيجة مدعياً أحقيته بالرئاسة ودخلت العراق في أزمة مدتها ثمانية أشهر، ولأجل استقرار البلاد وافق كل من اياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك على الانضمام الى حكومة وحدة وطنية على أساس اتفاقية مشاركة في السلطة تم التوصل اليها في مدينة اربيل منذ عام مضى بحيث يكون المالكي رئيساً للحكومة ويتولى الثلاثة الآخرون مناصب حكومية مرموقة، ولكن المالكي احتكر تحت يده سلطات كثيرة وأخذ يعمل بصفته وزيراً للعدل والدفاع والداخلية ويسيطر بشكل كامل على أجهزة الأمن والتعيينات الوظيفية فيها، الى جانب زيادة عدد المسؤولين الشيعة في وزارتي الدفاع والداخلية فبلغت نسبتهم %90 من عدد الموظفين، وبهذا فقد عطل المالكي اتفاقية المشاركة فظلت هذه الحكومة منقسمة دائماً في مناقشة قوانين البلاد لأكثر من عام حتى حينه.
ولما خرجت القوات الامريكية من العراق في الثامن عشر من شهر ديسمبر الماضي استبشر العراقيون بعهد جديد، ولكن الوضع الأمني تدهور بعد أربعة أيام، وانقلب كبار السياسيين على المالكي فقد قال صالح المطلك نائب رئيس الوزراء، وهو من الطائفة السّنية وأحد النواب الثلاثة لرئيس الوزراء، لقناة laquo;السي ان انraquo; الامريكية laquo;ان العملية السياسية تسير باتجاه خاطئ، انها تتجه نحو الديكتاتورية والناس لن تقبل بذلك، ومن المحتمل ان نصل الى تقسيم البلاد، وهذه كارثةraquo;، عندئذٍ طلب المالكي طرح الثقة بالمطلك في البرلمان أي عزله من وظيفته، كما أصدر مذكرة اعتقال للسيد طارق الهاشمي، نائب الرئيس العراقي من طائفة السّنة مٌتهماً اياه بالارهاب، ويقول هذا الأخير، الذي فر الى الاقليم شبه الذاتي كردستان، ان المزاعم التي تقول انه وراء محاولة اغتيال المالكي داخل المنطقة الخضراء ذات الحراسة الشديدة في بغداد هي مزاعم مفبركة لاصحة لها.
وفي وضعٍ كهذا غالباً ما يدفع المواطن الثمن، لذلك وقعت سلسلة من الحوادث الارهابية كان ضحيتها العشرات ان لم يكن المئات من الناس وسط أزمة سياسية جعلت الحكومة تقف مشلولة ازاء كيفية التعامل مع الوضع الداخلي، وثمة سؤال يتبادر الى الأذهان وهو هل القوى المسلحة الطائفية والمسلحون الأجانب والميليشيات التي تدعمها ايران كانت تنتظر هذه اللحظة الا وهي رحيل القوات الأمريكية من العراق؟ اذا كان الجواب laquo;نعمraquo; فمن المتوقع ان يتدهور الوضع الأمني الداخلي الى أسوأ مماهو عليه الآن.فماحل الأزمة السياسية في العراق اذن؟ هنا كتب كل من اياد علاوي بصفته زعيم تحالف القائمة العراقية واسامة النجيفي الناطق بلسان البرلمان العراقي ورافع العيساوي وزير المالية رسالة مشتركة الى صحيفة laquo;نيويورك تايمزraquo; الامريكية نشرتها بتاريخ السابع والعشرين من ديسمبر الماضي تحت عنوان laquo;كيف ننقذ العراق من الحرب الأهلية laquo;يؤكدون فيها علىraquo; ان المالكي قد جعل السلطات تتمركز تحت يده وهو ما ساعد على تأزيم الوضع الداخلي في العراق، ورأوا ان حل الأزمة يكمن في الدعوة الى مؤتمر وطني آخر برعاية امريكية، وانهم على استعداد لحل المشاكل سلمياً استناداً الى اتفاقية اربيل كنقطة انطلاق على ان تكون أجهزة الحكومة مستقلة لاامتداداً لطائفة المالكي أو حزبه، فاذا لم تسارع امريكا في تقديم المساعدة لتشكيل حكومة وحده وطنية الآن فان اتجاه العراق الآن نحو الحكم الفردي الطائفي يحمل معه التهديد بنشوب حرب أهلية laquo;، علماً بأن امريكا لم تسحب كل قواتها من العراق بل أبقت على حوالي عشرة آلآف جندي بموافقة العراق من اجل المحافظة على السلم لمدة عام أو عامين وأنشأت سفارة امريكية تٌعتبر أكبر سفارة في العالم يعمل بها حوالي سبعة عشرة الف دبلوماسي ومستشار في تخصصات فنية وعسكرية مختلفة، وأخيراً هناك آراء مفادها ان الفيدرالية هي الأفضل لحل النزاع في العراق لاسيما وان دستور البلاد لم يسقطها من مواده.