مكرم محمد أحمد

كان الأمل أن تنجح وثيقة الأزهر الثانية في أن تصبح ميثاق عمل يلزم كل القوي السياسية التوافق الوطني حول برنامج عمل واضح حددت الوثيقة خطوطه الأساسية علي نحو جامعrlm;


يبدأ بالاعتراف بأن ثورة 25 يناير لم تحقق بعد كل أهدافها رغم الشوط الذي قطعته, والمطالبة بضرورة أن تتكاتف كل القوي لإنجاز أهدافها في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية, مع التأكيد علي أهمية تكريس حقوق الإنسان المصري, وإنهاء حالة الطوارئ, وعدم جواز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية, والقبول بنتائج الانتخابات البرلمانية تعزيزا للمسار الديمقراطي وإنهاء المرحلة الانتقالية في موعدها في يونيو القادم.
لكن الواضح أن ثمة تيارا فاعلا في أوساط شباب الثورة يصر علي أن الثورة لم تحقق أيا من أهدافها, وأن الإطار الراهن للدولة لن يمكنها من تحقيق أي من هذه الأهداف, وأن الحل الأوحد هو إطلاق ثورة ثانية تنطلق شراراتها من ميدان التحرير في يوم 25 يناير القادم, شريطة ألا يغادر المتظاهرون الميدان حتي لو طال بقاؤهم شهورا إلي أن يسقط المجلس العسكري وتتحقق أهداف الثورة!!, أما الانتخابات البرلمانية التي شارك فيها ما يزيد علي 30 مليون ناخب خرجوا بإرادتهم الحرة فهي مجرد مسرحية لامحل لها من الإعراب!
ثم جاء سحب الدكتور البرادعي المفاجئ لترشحه للرئاسة, داعيا شباب الثورة لاستكمال ثورته لأن نظام مبارك لم يسقط بعد ولأن الثورة فشلت في تحقيق أهدافها, ولأن السفينة يقودها ربان تولي قيادتها دون اختيار من ركابها ودون خبرة بالقيادة أو بوصلة تحدد الاتجاه الصحيح, لتعطي لهذا التيار زخما جديدا ومبررات إضافية تضع مصر علي حافة صدام أهلي واسع, لان الطرف الآخر في اللعبة المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين لن يقبل إهدار نتائج الانتخابات البرلمانية ولن يسمح بتوجيه ضربة قاضية لمجلس الشعب الجديد تطعن علي شرعيته باسم الشرعية الثورية لميدان التحرير, ومن المؤكد أنهما سوف يتوحدان جميعا دفاعا عن المجلس.
وسواء كانت دوافع الدكتور البرادعي لاتخاذ هذا القرار الصادم هي الإحباط من نتائج الانتخابات البرلمانية أو الضيق من سوء إدارة المرحلة الانتقالية, أو الخوف من الفشل في الانتخابات الرئاسية القادمة, أو الاعتراض علي انتخاب الرئيس الجديد قبل كتابة الدستور, وكلها دوافع لا يستطيع أحد أن يشكك في وطنيتها, إلا أن توقيت قراراه الصادم يفتح الأزمة علي فاصل جديد أكثر خطورة ويكاد يغلق كل الطرق أمام فرصة تحقيق وفاق وطني.