جواهر بنت محمد أل ثاني

طالبتني امرأة -لا أعرفها ولا تعرف عني سوى مهنتي- في الأسبوع الماضي بالكتابة عن المراقبين العرب في سوريا. طلبها لم يكن بالغريب أو غير المتوقع، فما يجري في سوريا يحرق الكبد ويعصر القلب ويهم كل عربي ومسلم وraquo;إنسانraquo;! أما تحديدها لموضوع المراقبين العرب، لأنه بنظرها كان ولا يزال هو الحل الوحيد لما يجري في سوريا قبل أن يفشل!
كان لدى الكثير أمل نجاح مهمة المراقبين العرب في سوريا، والواقعيون منهم كانوا يعرفون عدم قدرتهم الحقيقية على فعل شيء. لم يقدر المراقبون على التحرك بحرية في المدن، بل إنهم في البداية كانوا يتخيرون أو يدفعهم رجال النظام -و العلم عند الله- إلى مدن صامتة نائية لا يُسمع فيها شيء، ويحاولون الابتعاد عن المدن والمحافظات المحمومة كدرعا وحمص وإدلب. وخرج البعض منهم إلى الشاشة الكبيرة وقال إن الأمور هادئة، وبأنه يجب البحث أكثر! وظهر البعض منهم وهو يشعل السيجارة وكأنه يقول لدينا ولدى النظام كل الوقت! وظهر من ظهر -بخلاف إرادته- وهو يعلن بأنه يوجد قناصة! تصريح الأخير أُتبع بعدد من التصاريح التي فندت قوله ولم يظهر لنا مرة أخرى. أما آخر laquo;مراقبraquo; راقبته قبل أن laquo;أموت هماًraquo; صرح بصوت جهوري وقال: laquo;لن أقول شيئاً يؤدي بحياة بقية المراقبين وعائلاتهم إلى الخطر!raquo;.
جاء فشل مهمة المراقبين العرب جزئياً، حيث إنهم وإن لم يستطيعوا إثبات وجود ثورة بشكل قطعي لم يستطيعوا في الوقت نفسه نفي قمع النظام للشعب! من أهم أسباب فشل المراقبين العرب هو خوفهم على أنفسهم في ظل رجال النظام الذين لاحقوهم في كل مكان، وخوفهم على عائلاتهم في مختلف البقاع العربية، laquo;فعربيتهمraquo; لم تساعدهم بالتأكيد.
إلى الآن قُتل أكثر من 6000 شخص بينهم الكثير من النساء والأطفال وهذا فقط العدد المعلن، والأكيد بأن العدد يفوق ذلك بأضعاف. إلى الآن شُرد الكثير وخُوف الكثير وكلهم سوريون، أما المراسل الفرنسي الذي قتل إثر سقوط قذيفة في حمص، جيل جاكييه، فتحت نيابة باريس تحقيقاً له حول جريمة قتل عمد! هل نقدر على فتح قضية جريمة قتل عمد للستة آلاف شخص الذين قتلوا؟ هل نقدر على أن نرفع قضية على من اغتالوا طفولة حمزة الخطيب؟
لا توجد أجوبة للأسئلة السابقة أو ربما عجزنا يمنعنا عن الإجابة عنها، وفي الحالتين تبقى الثورة السورية بلا حل لتعقيد سوريا نفسها ولتعقيد ظروفها الطائفية والجيوسياسية والسياسية.
بعد فشل مهمة المراقبين العرب -ولأكون دقيقة أكثر- حتى بعد ظهور تقريرهم، لم يبقَ سوى الأخذ باقتراح حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى ووضعه عين الاعتبار في إرسال قوات عربية إلى سوريا. فهل تستطيع الدول العربية والمجتمع الدولي تحمل هذا الاقتراح؟ سنرى في المستقبل البعيد الذي لا يشتري سوى الوقت لنظام الأسد!