laquo;براغماتيتهraquo; جعلته حاجة للجميع و... ضاعفت مصاعبه


بيروت ـ وسام أبو حرفوش

يطفئ غداً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الشمعة الاولى لتكليفه الانتقال الى السرايا الكبيرة، ففي 25 ديسمبر من العام الماضي افضى laquo;الانقلاب السياسي ـ الدستوريraquo; الذي قاده laquo;حزب اللهraquo; بالتفاهم مع النظام في سورية الى قلب الاكثرية البرلمانية والاطاحة برئيس الحكومة انذاك سعد الحريري والاتيان بميقاتي من خلف ظهر المملكة العربية السعودية، الطرف الثاني في laquo;السين ـ سينraquo; الى جانب سورية وعلى مرأى من المسعى القطري ـ التركي الذي هدف حينها الى رعاية تسوية بين الحريري وlaquo;حزب اللهraquo;.
وشكل مجيء ميقاتي ما يشبه laquo;نصف انقلابraquo; بعدما تعذر تسويق تكليف رئيس الحكومة السابق عمر كرامي في اطار عملية laquo;قلب الطاولةraquo; رأساً على عقب، الامر الذي laquo;فرملraquo;! اندفاعة حلفاء سورية لاحكام قبضتهم على البلاد، وهم الذين رأوا في الاتكاء على ميقاتي خياراً ملائماً لتعبيد الطريق الى الانتخابات النيابية في الـ 2013، والتي تكون كفيلة بـ laquo;اجتثاث الحريريةraquo; عبر برلمان ممسوك تماماً مما يتيح لهم الامساك تالياً بزمام الامور في البلاد.
غير ان تطورات laquo;جوهريةraquo; طرأت على المشهد اللبناني خلال وجود ميقاتي في laquo;عامه الاولraquo; في السرايا الحكومية ابرزها:
? نشوء تحالف سياسي ـ حكومي عرف بـ laquo;الوسطيينraquo; داخل الحكومة، ضم الوزراء المحسوبين على رئيسي الجمهورية والحكومة ورئيس laquo;جبهة النضال الوطنيraquo; النائب وليد جنبلاط، وتشكل laquo;كابحاًraquo; لاي جنوح من الاخرين لقلب التوازنات في البلاد، وهو التحالف الذي افاد حيناً من تمايزات رئيس البرلمان نبيه بري عن حلفائه، وحيناً آخر من المشكلات laquo;الموضعيةraquo; بين laquo;الشريكين الاستراتيجيينraquo;، اي laquo;حزب اللهraquo; وlaquo;التيار الوطني الحرraquo; بزعامة العماد ميشال عون نتيجة اختلاف الاولويات بين الطرفين.
? الانهيار الدراماتيكي في وضعية الرافعة الاقليمية للحكومة، اي سورية، التي بلغها في مارس الماضي laquo;تسوناميraquo; الثورات العربية واصبح النظام فيها على كف مجهول في ضوء تعاظم الاحتجاجات الداخلية المناهضة له وعزلته الاقليمية والدولية، الامر الذي قلص نفوذه اللبناني الى الحد الذي جعله في موقع رد الفعل لا الفعل، واصاب قبضته بالتراخي، مما انعكس على وضعية الحكومة laquo;المواليةraquo; له وتماسكها وخياراتها.
ورغم ما تعرض له ميقاتي من سهام من شركائه في الحكومة قبل خصومه في المعارضة فانه تحول بـ laquo;براغماتيتهraquo; حاجة للجميع في الداخل والخارج على حد سواء. فالرئيس السوري بشار الاسد قال يوماً laquo;عندنا نجيب في بيروتraquo;، في اشارة اطمئنان الى وجود ميقاتي على رأس الحكومة، وكذلك اثنت الدول الغربية على ادائه في laquo;النأيraquo; بلبنان عن منزلقات الازمة السورية. laquo;حزب اللهraquo; الذي تجرع كأس امرار رئيس الحكومة لتمويل المحكمة الدولية اعلن تمسكه بالحكومة وlaquo;14 آذارraquo; اختارت المعارضة laquo;الناعمةraquo; لادراكها ان الحكومة الحالية ربما تكون الاكثر ملاءمة لادارة laquo;المرحلة الانتقاليةraquo; في الطريق الى سقوط نظام الاسد.
لكن في laquo;الذكرى السنويةraquo; الاولى لتكليفه رئاسة الحكومة يبدو ان ميقاتي في وضع صعب تحاصره الضغوط الخارجية الناجمة عن تقلص هامش المناورة حيال الوضع في سورية في ضوء القرار العربي بتبني laquo;السيناريو اليمنيraquo; لـ laquo;ترحيلraquo; الاسد، والضغوط الداخلية المتمثلة في تباطؤ قدرة الحكومة غير المتجانسة على مواجهة الاعباء المعيشية والاقتصادية والامنية وسواها من ملفات يصار الى تأجيلها نتيجة الصراع بين مكونات الحكومة عينها.
وعشية حلول الذكرى الاولى لتكليف ميقاتي، بدت حكومته محاصرة بـ laquo;سلّةraquo; أزمات ذات وجهٍ اجتماعي لم تغب عنها laquo;الشبهةraquo; السياسية. وأبرز هذه الملفات الكهرباء التي وُضعت مجدداً على laquo;خط التوتر العاليraquo; السياسي على وقع تلويح وزير الطاقة جبران باسيل (صهر العماد ميشال عون) بـ laquo;الآتي الأعظمraquo; على صعيد العتمة محذراً من ان الكهرباء laquo;ستحرق الحكومةraquo; ومذكراً بمعادلة laquo;إما الكهرباء وإما لا حكومةraquo; في معرض كلامه عن laquo;عرقلة متعمّدة لمسارات معالجة هذا الملف عبر تجميد المشاريع ذات الصلةraquo;.
وفي موازاة انتقال laquo;عدوىraquo; قطع الطرق احتجاجاً على التقنين القاسي في الكهرباء الى غالبية المناطق وسط ارتفاع شعارٍ على شبكات التواصل الاجتماعي بعنوان laquo;عوض ان تلعن الظلمة أشعِل دولاباًraquo;، استوقف الدوائر المراقبة دخول رئيس البرلمان نبيه بري وlaquo;حزب اللهraquo;، حليفيْ العماد عون، على خط انتقاد باسيل وإن ضمناً من بوابة مطالبة نائب الحزب نواف الموسوي laquo;بحل سريع لأزمة الكهرباءraquo; واعتبار زميله النائب حسن فضل الله أن laquo;تراكم أزمة الكهرباء على مدى السنوات الماضية لا يعفي الحكومة من تحمل مسؤولياتها في هذا الخصوصraquo;، منتقداً laquo;عدم توزيع الطاقة بالتساوي بين مختلف المناطق اللبنانيةraquo;، ولافتاً في ما يخص المشتقات النفطية الى أن laquo;هناك غياباً للرقابة والمتابعة من المؤسسات المعنية لمواجهة الاحتكارات ومحاولات تحقيق الربح الكبير على حساب دفء الناسraquo;.
وفيما كان الوزير باسيل يلاقي في مؤتمر صحافي دعوة الرئيس بري له الى laquo;مصارحة اللبنانيين حول كل الحقائق المتصلة بأزمة الكهرباء، واعلان خريطة طريق للمعالجة ومراحلها الزمنية، أما إذا كان هناك من يعرقل التنفيذ فعلى الوزير أن يكشف عن هويتهraquo;، كانت قوى 14 آذار تضع موقف وزير الطاقة في خانة laquo;ابتزاز اللبنانيين للحصول على تمويل لمشاريعه من دون رقابة، على قاعدة إما أن تعطوني المال من دون رقابة لتمويل خطّة الكهرباء التي أُقرت وإلَّا تحملوا العواقبraquo;، معتبرة ان laquo;باسيل لا يُريد الذهاب إلى تمويل الصناديق العربية والدولية لمشاريع الكهرباء لأنه لا يريد رقابةraquo; وذلك في اشارة الى خطة انتاج 700 ميغاوات من الكهرباء التي كانت أقرت قبل نحو اربعة اشهر بكلفة 1.2 مليار دولار (مع تجزئة التمويل الذي تتولى قسماً منه الخزينة اللبنانية على اربع دفعات حتى الـ 2014).
وفي موازاة ذلك، قرأت دوائر سياسية في دخول laquo;حزب اللهraquo; والرئيس بري على خط هذا الملف، الذي ينذر بمزيد من laquo;تصدُّعraquo; الحكومة، محاولة لتوجيه رسالة الى الرئيس ميقاتي قبل نحو اسبوعين من زيارته الرسمية لباريس وإرباكه بهزّ صورة حكومته وضرب صدقيّتها وذلك في معرض نزع laquo;الهيبةraquo; عن اي التزامات يمكن ان يقدمّها لإدارة الرئيس نيكولاي ساركوزي بإزاء استحقاق التجديد للمحكمة الدولية والبروتوكول الموقع مع الأمم المتحدة حولها.
واذا كان هذا العنوان سيبحث في قضية الكهرباء في الجلسة التي يعقدها بعد غد علماً انه التأم امس ويجتمع اليوم ايضاً لاستكمال البحث في مشروع الموازنة لسنة 2012، فان ملف زيادة الاجور ومتفرعاته لم ينته فصولاً وسط استمرار رفض وزير العمل شربل نحاس (من فريق العماد عون) التوقيع على مرسوم بدل النقل الذي يعتبره غير قانوني. وفي حين تحدثت معلومات عن امكان التوصل الى تسوية على قاعدة التقدم بمشروع قانون الى البرلمان يجيز للحكومة تحديد بدل النقل، بدا لافتاً خيار نحاس laquo;المغطى مئة بالمئةraquo; من عون بعدم الاستقالة في موازاة تمسكه بعدم توقيع مرسوم بدل النقل معلناً laquo;إذا كان موقفي هذا لا يعجب البعض في مجلس الوزراء، فما عليهم سوى تأمين أكثرية من 20 وزيراً لإقالتيraquo;.