محمد علي الهرفي
عجبت كيف قبل السيد الأخضر الإبراهيمي مهمته التي يدرك الجميع أنها ولدت شبه ميتة حتى أولئك الذين أوكلوا له هذه المهمة من العرب وغيرهم كانوا يعرفون ذلك فقد جربوا فشل كوفي عنان وكذلك فشل كل الخطط السابقة التي وضعتها الجامعة العربية وبتأييد المجتمع الدولي، فإذا كانت هناك مصالح خاصة لمن أوكل له هذه المهمة فما هي مصلحته من عمل فاشل منذ بدايته يسيء إليه كثيرا ويسهم في إعطاء مهلة جيدة لنظام الأسد في قتل المزيد من السوريين وتدمير مدنهم وقراهم.
السيد الإبراهيمي اقترح هدنة مؤقتة بين حكومة الأسد والجيش الحر، وهذا الاقتراح -رغم كل ما قيل عنه- أعتقد أنه ولد ميتا، فالجيش الحر وسائر الثوار لا يثقون بحكومة الأسد فتجاربهم السابقة معها لا تجعلهم يطمئنون إلى وعودها فلطالما وعدت وأخلفت!! ولعلهم يتذكرون المثل العربي (كيف أثق بك وهذا أثر فأسك) وقصة هذا المثل للذي لا يعرفه أن هناك حية كانت تسكن واديا وتقتل كل من يأتي إليه، فتجرأ أخوان وذهبا إليه فقتلت أحدهما، فصمم أخوه على الأخذ بثأره فبدأ يلاحق الحية لعله يجد فرصة لقتلها وعلمت الحية فعرضت عليه أن تعطيه دينارا ذهبيا كل يوم ويتصالحا فوافق، وبعد مدة تذكر أخاه فعزم على الغدر بالحية، فلما رآها ضربها بفأس لكنه لم يصبها فسارعت للاحتماء بجحرها، فخاف منها على حياته فعرض عليها الصلح مرة أخرى فرفضت وقالت: كيف أصالحك وهذا أثر فأسك؟! و(الأسد) والحية في الغدر متشابهان!! لكن الأسد يعرف أنه إذا أوقف الحرب واستجاب لمطالب الثوار فإنه لن يستمر في الحكم ولهذا قرر منذ بداية الثورة أنه لابد من حسمها عسكريا.
طبق الأسد سياسة الأرض المحروقة على من يسميهم (شعبه) فقصف قراهم ومدنهم وهدم بيوتهم وقتل الرجال والنساء والأطفال وعندما رأى أن كل ذلك لم يفتت عزيمتهم استخدم الأسلحة المحرمة، وقصف مستشفياتهم ومنع عنهم الدواء والطعام وكل وسائل الحياة، كل ذلك ليطيل في أمد حكمه، فهل يتوقع أن يصدقه أحد عندما يقول: إنه سيقبل مقترح الإبراهيمي بإيقاف الحرب أيام عيد الأضحى المبارك؟!! قيادة الجيش الحر أعلنت رفضها لأنها عرفت أنه سيستفيد من هذه الهدنة لإعادة ترتيب قواته وإمدادهم بالسلاح وفك حصار بعضهم ليعود بعد ذلك لقتل الثوار مرة أخرى!! وأكد الثوار أن قبوله للهدنة يؤكد قرب نهايته فقد كان يعتبرهم جماعات إرهابية مسلحة لا يمكن لمثله أن يتفاوض معهم.
مأساة السوريين أن الصهاينة ومن معهم يريدون لنظام الأسد أن يبقى، فإذا كان بقاؤه مستحيلا فالبديل أن يتم تدمير البنية التحتية لسوريا وكذلك تدمير الجيش وكافة أسلحته لكي تطمئن إسرائيل أن بناء سوريا سيحتاج لعشرات السنين وهذا يعطيها وقتا للبحث عن بدائل خاصة إذا كان البديل السوري أفضل من الأسد كما هو واضح العرب ومن يدعون أنهم أصدقاء سوريا يعانون من ضغوط أمريكية لعدم تسليم الجيش الحر بأسلحة متطورة -من أجل إسرائيل أولا - ثم- كما يقال- خشية أن تقع هذه الأسلحة في أيدي إرهابيين مستقبلا!! ولو علم هؤلاء أن أفعالهم هي التي توجد الإرهابيين لما فعلوا ذلك ولكنهم قوم يجهلون!! الغرب -أيضا- ومن معه يتحدثون عن حكومة انتقالية بعد الأسد لكنهم يريدونها لا تشكل خطرا على إسرائيل وأعتقد أنهم بحثوا عن أسماء تحقق هذا الهدف لكنهم لم يعلنوا عنها لأن المشكلة كلها ليست بأيديهم، فالجيش الحر والثوار لا أظنهم سيقبلون بأن يملي عليهم أحد شكل حكومتهم - بعد أن وقعوا في سيل حريتهم عشرات الآلاف منهم، وأعتقد أن من واجبهم المحافظة على وحرياتهم بعد أن دفعوا دماءهم ثمنا لها.
ليت الأخضر الإبراهيمي ومن كلفه بهذه المهمة يدركون أن المساعدة العاجلة على إزالة نظام الأسد والمساعدة على إيجاد حكومة نزيهة يختارها الشعب بإرادته أفضل من المماطلة التي تزيد من سيل الدماء وتخلق كراهية في نفوس السوريين لكل من وقف ضدهم أو سكت عن مساعدتهم..
التعليقات